ثنائية تحالف الازدهار وشعار الحوثي القائم على الموت: حرب باردة على الممرات المائية تحت غطاء “التهديد الحوثي”
من يتتبع مسار الحرب في اليمن برؤية وطنية، سيجد أن هناك معادلة تتشكل، غير متجانسة تجمع بين تحالف يدعي الازدهار، وبين جماعة ترفع شعار “الموت”. هذه الثنائية لم تنتج سوى معادلة عبثية، تُستخدم فيها الشعارات كأدوات دعائية تخفي وراءها أطماع عميقًة للسيطرة على الممرات المائية، دون وجود إرادة حقيقية لحسم المعركة مع جماعة الحوثي التي تمارس إرهابها علنا، بينما يتم تضخيم خطر الحوثي في الإعلام لتبرير تحركات أساطيل عسكرية مدروسة..
الحوثي وشعار “الموت”
هذا الشعار، رغم خطورته، إلا أنه لم يُعامل من قبل المجتمع الدولي باعتباره إعلان حرب حقيقي، بل تم التعامل معه ببراغماتية سياسية تثير التساؤلات!.
الحوثي الذي يسيطر اليوم على مناطق استراتيجية ويستهدف الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، تمكن من ترسيخ نفوذه في ظل غياب معركة شاملة تهدف لإسقاط مشروعه فكريًا وعسكريًا، فبينما تعلن الدول الكبرى والتحالف العربي عن خطورة الجماعة على الأمن الإقليمي والدولي، إلا أن ردود الفعل على اعتداءاتها يتسم بالتراخي أو الضربات المحدودة التي لا ترقى إلى مستوى إنهاء التهديد..
تحالف الازدهار… لمواجهة من؟
في الجهة الأخرى، يروج لما يُعرف بـ”تحالف الازدهار” كمشروع طموح لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي، سواء في الخليج أو جنوب البحر الأحمر، إلا أن هذا التحالف، الذي يُفترض به أن يحقق الأمن والاستقرار، لم يقدم رؤية واضحة أو استراتيجية شاملة لحسم المعركة مع الحوثيين أو لحماية الملاحة الدولية فعليًا، بل يبدو أقرب إلى كيان ينسق لضبط الإيقاع الجغرافي للمصالح الدولية في اليمن، خصوصًا في مناطق مثل سقطرى، حضرموت، المخا، عدن، والمهرة..
وفي هذا السياق، تتحول ذريعة “التهديد الحوثي” إلى مبرر دائم لتوسيع النفوذ، وبناء قواعد عسكرية، وعقد اتفاقيات أمنية، دون الدخول في مواجهة نهائية مع الخطر المزعوم..
صراع الممرات المائية… والحرب المؤجلة
من الواضح أن جوهر الصراع يدور حول السيطرة على مضيق باب المندب، وسواحل البحر الأحمر والعربي فهذه النقاط ليست فقط شرايين التجارة العالمية، بل أيضًا مراكز صراع دولي بين القوى العظمى، التي تستخدم الأذرع المحلية،كالحوثيين، والانتقالي كبيادق شطرنج، ويتم الاكتفاء بـ”إدارة الأزمة” دون إنهائها..
وبينما يهدد الحوثي فعليًا حركة السفن ويستهدف الموانئ، لا يجد نفسه أمام خصم حقيقي، بل أمام معركة “مضبوطة الإيقاع” تخدم بقاءه كـ”فزاعة استراتيجية” من خلال تفكيك الحكومة الشرعية حتى تنشغل بخلافاتها بدلا من إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، هذا يتيح للقوى الكبرى الاستمرار في التدخل، تحت عنوان حماية الملاحة..
الخلاصة: ازدواجية الخطاب والمصالح المتناقضة
يتضح من خلال المشهد أن هناك ازدواجية صارخة في التعامل مع الحوثي، فمن جهة، يتم تضخيمه إعلاميًا ليبدو كتهديد عالمي، ومن جهة أخرى، يتم غض الطرف عن تمدده وجرائمه، ما دام وجوده يبرر بقاء القوات الأجنبية وتوسع التحالفات الإقليمية بينما في الحقيقة يتم إعادة رسم الجغرافيا اليمنية بما يخدم مصالح خارجية، دون اكتراث حقيقي بمستقبل اليمن كوطن وشعب..
فهل نحن أمام صراع حقيقي مع الحوثي؟ أم أمام مسرحية إقليمية تتبدل أدوارها، ويبقى المواطن اليمني هو الضحية الدائمة؟ متى ستعي النخب السياسية والثقافية اليمنية أنها تساهم في تفكيك وطنها؟.