عدن لا و لن تقبل النفايات و إن أعدتم تدويرها
بقلم : محمد علي محمد أحمد
إن السياسة القذرة التي تمارسها الأنظمة الفاسدة والتي لا تهتم بانتشال الفقر والجوع في بلدانها و لا أن تسعى لتوفير الخدمات لمواطنيها ، أو ترفع من مستوى دخل أبناء شعبها أو تقوم بدعم كل السلع لتحقيق أكبر قدر ممكن في الحد من الغلاء و الحفاظ على كرامة مواطنيها بتأمين عيش كريم و هو أبسط حق من حقوقهم ..
بل تتمثل سياسة حكوماتنا في إنقاذ و دعم كل مسؤول فاسد في شركة أو مؤسسة أو وزارة ما بعد أن فاحت رائحة فساده النتنة و ازدات ظهوراً بشكل فج ، تعجز كل الوسائل من سد الأنوف لشدة ريحتها العفنة ، و التي مهما قاموا برش أفخم العطور و أجود البخور لجعل تلك القمامة قطعة من عود فواح ، فلاجدوى من كل تلك المحاولات اليائسة التي تسوء أكثر فضاعة و فضيحة ،، فمالحل إذن ؟
وكما يعلم العالم أجمع أن مجتمعنا العربي ضليع و خبير في تلميع الفساد و تجفيف مستنقعه ، و مجتمعنا المحلي من أوائل الخريجين و الأساتذة المخضرمين في هذا المجال العلمي الهام ، بل أن رسالة الأستاذية العالمية التي نالها رجال دولتنا في هذا العلم و التي أصبحت مرجعية علمية تدرس في جميع الدول العربية و بعض الدول الأجنبية ، و تلك الرسالة الموسوعة بـ "تدوير وتلميع النفايات و غسيل أموال النهب و الجبايات" لتصبح عقليات حكومتنا و مسؤولي دولتنا مثالاً يحتذى به في الفساد و الإفساد و وصمة عار على جبين كل مواطنينا !!
و يا له من منجز عظيم و وصفة ساحرة ملهمة لكل الفاسدين في العالم ، بل أصبحت نظرية ذات أهمية ، فاقت كل نظريات الفلاسفة و العلماء .
فبدل أن يحاسب الفاسد المحتال و يأخذ جزاءه و يتم توقيفه ، سيما و قد ثبت فساده بالأدلة الدامغة و بحكم النيابة المختصة ، إذا بفطاحلتنا وقادتنا وحكومتنا يقومون بنقل كل فاسد منهم بحسب مركزه تطبيقاً للنظرية العلمية المبتكرة و قواعدها الخاصة و نصوص بنودها المعدة بخبث و مكر ، فإذا كان ذلكم الفاسد وزيرا ينقلوه إلى مستشار حتى يستفاد من خبرته للمعين البديل ، أو إلى سفير يمثل البلد خارجيا ( حتى ينقل تجربة الفساد الرائدة من الداخل إلى الخارج !! )
وإذا كان مديراً عاماً أو نائباً لمؤسسة ما في محافظة ما ، فإنهم ينقلونه إلى محافظة أخرى ، طبعاً ليس ليفسد في تلك المؤسسة أو المحافظة ، بل لينقل خبراته إليها و يتم تصفية وتطهير خزينة تلك الوزارة أو المؤسسة من اي أموال قذرة ،، نعم إنهم تقاة ورعون ، لذا يبدلون جهوداً جبارة في الغسيل اليومي و الاهتمام بمكبات القمامة بإسلوب يواكب العصر الإلكتروني ، ونقل مؤسسات الدولة إلى مركز الإنعاش ، لا لا أقصد إلى مركز الإنتعاش !!
خبتم و خابت عقولكم ولكم اللعنة أيها الفاسدون.
كيف بالله عليكم ينقل هذا الفاسد أو ذاك لموقع آخر ، دون أن يعزر و يحاكم بصورة علنية ، أم أننا جُبلنا أن نعتاد على هذا المنوال و ما علينا الا الصبر والإمتثال !!
لا والله فمهما بلغ العجز الشعبي مبلغه ، فإن الله يقيض رجالاً بسطاء فقراء ، لكنهم بالحق أقوياء فإن لم يكونوا حماة للذوذ عن وطنهم و مدينتهم و ثرواته ، فهم أسوداً تنهش في كل من فكر في المساس بقوت يومهم أو مصدر دخلهم ، أو العربدة في مؤسساتهم .
ثم بالله عليكم معقول أنه لازالت تمارس تلك السياسة الوقحة حتى اليوم و اللحظة و بصورة مستمرة و نحن نقول أننا ننشد الدولة و نشكي الفقر والفاقة ، ثم نعلق كل إخفاقاتنا على الأنظمة السابقة وأحزابها المنحلة ، و إلى متى !!
و للأسف أصبحت تلك السياسة تطبق بنهم و بشهية مفتوحة و بقبح دون حياء ، بل و تتطور أكثر فأكثر لنرى ابتكارات جديدة في طرق تدوير القمامات و غسيل أموال الاحياء لا بل الأموات .
فأين هي مؤسسات الدولة التي لا نعرف عنها إلا أسماء فقط في نشرات الإخبار و عناوين الصحف البارزة ، أين هيئة مكافحة الفساد و الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة و القضاء و النيابة ، والمؤسسة الأمنية بجميع تشكيلاتها ، بل قولوا لنا بربكم أين هي الحكومة و الرئاسة من كل هذا ،
و عن أي دولة تدعون.؟