الشـباب اليمـني قـادر... "ولكـن"

فـي زوايا هذا الوطن المنهك، وبين ركام الحروب والخذلان، ينبض قلب شاب يمني بالحلم، يحلم أن يكون، أن يبتكر، أن يغير، لا يحتاج إلى أكثر من فرصة... "فـرصة واحـدة فـقط".

     الشـباب اليمـني -اليوم- لا ينقصه الذكاء ولا القدرة على مواكبة متغيرات العصر؛ هذا الجيل الذي وُلد في زمن التحولات الكبرى، وانفتح على العالم عبر بوابات التكنولوجيا، أثبت حضوره في مجالات البرمجة والتصميم وصناعة المحتوى وريادة الأعمال، ورفع اسم اليمن في محافل دولية رغم كل الظروف، كثير من المشاريع الناشئة التي يديرها شباب يمنيون من داخل البلاد وخارجها، تؤكد أن هذه الأرض لا تزال تنجب عقولًا عظيمة.

لكـن، ويا للأسـف؛ 

     فـإن الإمكانيات المتاحة تكاد تكون معدومة، والاهتمام الرسمي والمجتمعي بالشباب لا يتجاوز الشعارات الفضفاضة؛ فلا توجد بنى تحتية حاضنة، ولا برامج تدريبية حقيقية، ولا صناديق استثمارية تشجع الابتكار المحلي أو ترعى المواهب الصاعدة.

     الـوزارات المعنية بالشباب غائبة، والقـطاع الخـاص يتعامل مع المبدعين كفرص دعائية أكثر من كونهم شركاء في التنمية، أما منظمات المجتمع المدني، فغالبيتها غارقة في مشاريع لا تمت لاحتياجات الشباب بصلة.

     كيـف يمكـن لشاب يمني يملك فكرة مبتكرة أن ينافس عالميًا، بينما لا يجد حتى كهرباء مستقرة أو إنترنت منتظم؟ كيف نطالبه أن يبني اقتصادًا رقميًا أو يطلق مشروعًا رياديًا وهو محروم من أبسط الأدوات؟ كيف نغض الطرف عن مواهب تتبدد كل يوم، ونكتفي بالصمت في وجه هذا النزيف الإبداعي؟

(إن معانـاة الشـباب اليمـني -اليوم- ليست فقط مع البطالة والفقر، بل مع الخـذلان المتكـرر لإمكاناتـهم).

     هـناك جيل يُدفـن وهو حـي، لا تحت أنقاض الحرب فحسب، بل تحت أنقاض الإهمال المؤسسي والتجاهل الحكومي والجمود المجتمعي.

ومـن هـنا، فـإننا نرفـع هذا الصوت الصادق، دعـوة وطنية عاجـلة إلى:

رئاسـة الـدولة؛

     لتبني رؤية استراتيجية وطنية واضحة تستوعب طاقات الشباب وتضعهم في قلب مشروع بناء الدولة.

رئاسـة الـوزراء؛

     لتفعيل برامج تأهيل ودعم وتمويل المشاريع الشبابية، بعيدًا عن المحسوبية والشكليات.

رجال المال والأعمال؛

     للاستثمار في شباب هذا الوطن، لا بوصفهم عمالًا محتملين، بل شركاء في الإنتاج وصُنّاعًا للمستقبل.

منظمات المجتمع المدني؛

     لتعيد ترتيب أولوياتها بما يخدم فعلاً لا قولاً قضايا الشباب ومشاريعهم الإبداعية.

الشـباب اليمـني قـادر؛

      نـعـم؛ لكـنه يحـتاج إلى من يؤمـن به، لا من يستغله، يحتاج إلى دولة تحتضنه، لا بيئة تطـرده، يحتاج إلى فرصة، لا منّـة. فـهل يسمـعنا أحـد؟

أ. مشارك د. هـاني بن محمد القاسمي

مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية

عـدن: 14. يوليو . 2025م