عدن بين مشهد الأمس وواقع اليوم: هل آن أوان إنقاذ ما تبقى؟

في مشهد يعيد إلى الأذهان أحداث عام 2007، يتكرر اليوم في العاصمة عدن سيناريو الغضب الشعبي، حين كان الحراك الجنوبي يحقق تقدّماً جماهيرياً كبيراً ،يومها، جنّ جنون الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وخرج في أحاديث تلفزيونية متكررة. وفي خضم ذلك، طالب الفقيد أ.د. صالح علي باصرة، الذي كان يشغل منصب وزير في الحكومة، الرئيسَ بالإنصات لصوت الشارع، والاستجابة لمطالبه في لقاء تلفزيوني وبعدد من الحلقات .

واليوم، وبعد مرور سنوات، نجد أنفسنا أمام مشهد مشابه وربما أكثر تعقيداً، فقد تفاقمت الأزمات، وتعاظمت المعاناة، وتعددت أشكال الفساد، حتى بات المواطن العادي عاجزاً عن تأمين قوته اليومي. الواقع يقول إن "اللصوص الجدد" سرقوا ما تبقى من رغيف الخبز، ورفعوا الأسعار والجبايات، وقضوا على أمل الناس في العيش الكريم.

ومن هذا المنطلق، نوجه دعوة صادقة إلى عضو مجلس القيادة الرئاسي ،رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، المناضل عيدروس الزبيدي، لتحمّل مسؤولياته الوطنية في هذه المرحلة الحساسة، والعمل الجاد على وقف التعامل بالعملة السعودية في مؤسسات المجلس، وصرف المرتبات والمساهمات بالعملة الوطنية كمبادرة وطنية للحفاظ على وقف تدهور العملة الوطنية ، وبما يحفظ للموظف حقه الطبيعي كما هو معمول به في هيكل الدولة. ويُستثنى من ذلك أفراد الجيش والامن .

كما نطالب بوقف جميع أشكال الجبايات والرسوم غير القانونية، لاسيما تلك التي تطال المواد الغذائية الأساسية كالخضروات، الفواكه، اللحوم، الأسماك، والدجاج البلدي، وفتح باب التنافس العادل في السوق، إضافة إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف ارتفاع سعر الروتي، والعمل على معالجة المشكلة بشكل عاجل.

إنها قضايا إنسانية بامتياز، ومسؤولية وطنية ودينية تقع على عاتق كل من يحمل همّ هذا الشعب، ويؤمن بحقّه في الحياة الكريمة. ولا تكتمل المعالجة دون إصلاح إداري شامل، يبدأ بوقف التعيينات العشوائية في مؤسسات ومكاتب محافظة عدن، والتي باتت تُمنح وفق علاقات شخصية وجلسات القات، لا على أساس الكفاءة والخبرة، مما أفقد الوظيفة العامة هيبتها وحوّلها إلى "مكافآت للأصحاب".

المهام جسيمة، ولكن الأمل لا يزال قائمًا. فالمعالجة الجادة والسريعة لهذه الملفات تمثل بارقة أمل نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى، لاستعادة الثقة المفقودة، وإعادة رسم ملامح مستقبل ينتظره الشعب بصبر وألم.

-