الأستاذ أحمد حيمد.. حين يُزهر الموروث في حضرة الإبداع

في عدن، المدينة التي ما زالت تلد الأصالة رغم كل وجع، التقيتُ اليوم بإحدى قاماتها المضيئة.. هامةٍ شامخة من أعمدة الإعلام الجنوبي الأصيل، وأحد أولئك الذين ظلوا أوفياء لروح المدينة، وعطرها، ونبض فنها.. التقيتُ بالأستاذ أحمد حيمد، الرجل الذي لا تزال كلماته تغني، ومسرحه ينبض، ومقالته تحتفظ بحرارة الفن وسخونة الكلمة.

هو شاعر غنائي، طرز الوجدان العدني بديوانه الشهير (أحلى ابتسامة) الصادر في العام 2003، ولم تكتفِ قريحته بذلك، فقد أودع في أوراقه ديواناً آخر ما زال ينتظر طباعته، كأنما الكلمات تتهيّب من زمن لا يُنصف الشعراء.

لكن أحمد حيمد لم يكن يوماً أسير قصيدة فقط، بل حمل قلمه ومشى إلى المسرح، فكتب نصوصاً حفرت في ذاكرة الثقافة، وأضاءت الخشبة بعد أن كاد يغمرها الظلام. ثم عاد إلى الورق، ليكتب المقالة الفنية بأسلوب الناقد المتمرس، الذي لا يرضى بالسطحية ولا يكتفي بالتصفيق.

هو عضو مؤسس للعديد من الجمعيات والمنتديات الثقافية، وأبرزها جمعية الموروث الشعبي التي تنقل فيها من عضو إلى إداري حتى اعتلاها رئيساً، حاملاً على عاتقه مسؤولية حفظ الذاكرة العدنية من النسيان. كما تولى إدارة منتدى البندر الثقافي الفني بعدن، الذي ظل مساحةً للبوح الفني، وحاضنة لكل من أراد أن يغني للحياة.

أحمد حيمد ليس مجرد اسم يمر في قوائم الاتحادات، بل هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب واتحاد الفنانين، وواحد من أولئك الذين صدّروا وجع عدن الجميل إلى الخارج، في دورات ومشاركات نال فيها شهادات تقدير، لكنها لم تكن يوماً أثمن من ابتسامة الناس الذين أحبوه.

لقائي به لم يكن مجرد جلسة عابرة.. بل كان لقاء مع جيلٍ من الرواد، مع نكهة الفن العدني في زمن كانت فيه الكلمات تصنع أغنية، والمسرحية توقظ وعياً، والمقالة تفتح نافذة على الذائقة.

في عينيه وميض من زمنٍ قديم، في صوته صدى الطرب، وفي حديثه وفاء لعدن كما لم يعد يكتبه أحد.

خرجت من اللقاء وأنا أُدرك أن عدن، برغم كل شيء، ما زالت بخير.. ما دام فيها رجال مثل أحمد حيمد، يكتبون ابتسامتهم في ديوان، ويعلقونها على وجه المدينة كي لا تنسى نفسها.

الأربعاء 9يوليو 2025

المكان: نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين/ التواهي