السعودية اعادة تموضع استراتيجي لا ضجيج فيه!



ما يجري في الاقليم ليس تتابع احداث منفصلة بل مسار واحد متماسك يعكس انتقال المنطقة من منطق رد الفعل الى هندسة التوازنات .

السعودية بوصفها مركز الثقل اختارت مقاربة العقل البارد وذلك بخفض الاشتباك مع الخصوم الثانويين وتصفير الازمات المفتوحة مقابل اعادة تعريف الخطر المركزي المهدد لاستقرار الشرق الأوسط.

التقارب السعودي مع مصر وقطر وتركيا وباكستان وفتح قنوات تفاهم مع ايران برعاية دولية لا ينطلق من تطابق أيديولوجي بل من ادراك مشترك بان تمدد المشروع الإسرائيلي تجاوز حدود المناورة السياسية الى تهديد مباشر للامن القومي الإقليمي.

 لذلك يتشكل اليوم تحالف مرن غير معلن قوامه تقاطع المصالح لا وحدة المواقف هدفه تحجيم هذا التمدد ومنع انزلاق المنطقة إلى فوضى شاملة.

في هذا السياق يتحول البحر الأحمر والقرن الافريقي الى ساحة مركزية في الصراع القادم فالتحرك السعودي هناك ليس اقتصاديا صرفا بل جزء من رؤية امنية اشمل تعيد رسم خرائط النفوذ والممرات اللوجستية وتكسر احتكارا حاولت قوى اقليمية فرضه بالقوة والهيمنة على الموانئ.

 فالشراكات الجديدة مع دول الساحل الإفريقي تؤسس لعمق استراتيجي جنوبي يحمي الأمن البحري ويؤمن خطوط التجارة والطاقة.

في اليمن يتقدّم منطق التسوية السياسية على منطق ادارة الصراع ليس بدافع المثالية بل لاغلاق ثغرة استنزاف مزمنة وتحرير القرار الاستراتيجي السعودي من ساحات فرعية استعدادا لمواجهة التحدي الأكبر.

الخلاصة ان الرياض لا تبحث عن حرب لكنها تستعد لاحتمالاتها تفعل ذلك بهدوء الدولة لا بانفعال اللحظة حيث ترتب الداخل تحيد الجبهات الثانوية وتبني شبكة تحالفات عابرة للتناقضات، سياسة النفس الطويل حيث تدار المعارك قبل اندلاعها ويعاد تشكيل الاقليم دون بيانات نارية او استعراضات لان الصراعات الكبرى لا تكسب بالصوت العالي بل باتقان التوقيت وعمق الرؤية.