لنـعمل مـعًا وليـس ضـد بعـضنا
فـي اليـمن، وبعد أكثر من عقد من الزمن المليء بالصراعات والاضطرابات، لم يعد أمام القوى السياسية والفاعلين في المشهد سوى خيار واحـد "العـمل مـعًا".
فـقد أثبتت التجارب أن منطق الإقصاء والخصومة والمكايدات السياسية لا يقود إلا إلى المزيد من الانقسام وإطالة أمد المعاناة التي يعيشها الشعب.
اليـوم؛ وفـي ظل واقع سياسي واجتماعي منهك، يصبح من العبث أن يستمر كل طرف في جرّ البلاد إلى مربعه الخاص؛ فالوطن لم يعد يحتمل المزيد من التمزق، والناس لم يعودوا قادرين على دفع ثمن صراعات لا تثمر سوى الخراب.
إن رسـالة المرحـلة يجب أن تكون واضحة: "لا غالب ولا مغلوب، بل شراكة حقيقية تُبني وتؤسس لدولة جامـعة".
إنـنا بحـاجة إلى إدراك أن العمل معًا ليس ضعفًا، بل هو قمة القوة والعقلانية، فالتاريخ يعلمنا أن الأوطان لا تُبنى إلا على أساس التوافق، وأن أي مشروع إقصائي سرعان ما يسقط مهما بدا في لحظاته الأولى قويًا ومتماسكًا.
والتجـارب من حـولنا، إقليمية ودولية، تؤكد أن منطق الشراكة الوطنية هو الضمانة الوحيدة لعبور الأزمات.
فالسياسة في جوهرها فـن إدارة الاختلاف، وليست معركة "كـسر عـظام"، وإذا أدرك الفاعلون السياسيون في اليمن هذه الحقيقة، فلن يتأخر الحل، فالوطن بحاجة إلى مشروع جامع يعلو فوق الولاءات الضيقة ويقدّم مصلحة اليمنيين على مصلحة الأطراف.
إن شـعار المرحـلة يجب أن يكون "لنعـمل مـعًا وليس ضد بعضنا"، لأن العمل معًا يعني بناء مؤسسات قوية، وتعليمًا متطورًا، واقتصادًا متعافيًا، وأملاً جديدًا للأجيال القادمة، أما الاستمرار في الصراع، فـلن يقود إلا إلى مستقبل قاتم، يدفع ثمنه البسطاء ممن ضاقت بهم سبل العيش.
اليـمن بحـاجة اليوم إلى مصالحة وطنية، وإلى خطاب عقلاني، وإلى تنازلات متبادلة، وإلى إيمان صادق بأن لا أحد يمكنه حكم البلاد بمفرده.
فـالعـمل مـعًا ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل هو واجب وطني وأخلاقي إذا أردنا أن نخرج من هذا النفق الطويل.
العالـم اليـوم، يتغير بشكل متسارع والإقليم من حولنا يتغير معه، وإذا لم نُدرك ما يدور على الساحتين العالمية والإقليمية، ولم يجلس الفرقاء اليمنيون إلى طاولة حوار جاد لرأب الصدع وحل الخلافات بينهم، فستظل طبول الحرب تُقرع، وسينشغل كل طرف بشأنه، وستبقى اليمن في دوامة لا متناهية من العنف والتشتت.
د. هـاني بن محمد القاسمي
عـدن: 17. سبتمبر. 2025م
.