وراء كل عظيم… امرأة مطينة عيشته!

وراء كل عظيم… امرأة مطينة عيشته!

كتب| أحلام القبيلي


اعتاد الناس أن يرددوا المثل: "وراء كل رجل عظيم امرأة" على أنه إشارة إلى أن المرأة هي سر نجاحه، وسبب إلهامه، ومفتاح إنجازاته. لكنني أرى الأمر على وجه آخر، مختلف تمامًا عما يظنه الناس. 
فالتاريخ يخبرنا أن كثيرًا من العظماء لم يصنعهم الحب والدفء والاستقرار، بل صنعتهم المعاناة، وصقلتهم التجارب المريرة، وكان وراءهم نساء لم يكنّ مصدر إلهام بقدر ما كنّ مصدر إزعاج ونكد وضغط نفسي. 
انظر إلى سقراط مثلًا، كانت زوجته "زنتيب" مضرب المثل في النكد وسوء العشرة. ومع ذلك، خرج من بيته فيلسوفًا صبورًا، يحاور الناس ويحتمل جدلهم بعد أن تمرّس على احتمال جدل زوجته أولًا! 
وتأمل تولستوي، وراء كل عظيم… امرأة مطينة عيشته! الروسي الكبير، لم تكن حياته مع "صوفيا" وردية، بل كانت مليئة بالخصام والغيرة والصراعات، ومع ذلك كتب أعمق الروايات التي خلدها التاريخ. 
إن الاستقرار مع الحبيب يخلق الراحة النفسية، لكن الراحة لا تخلق إبداعًا. الراحة تنجب الرتابة، بينما المعاناة تُشعل شرارة الفكر وتفجّر ينابيع الخيال. 
ولهذا نجد أن معظم النتاج الأدبي العظيم، من شعر وقصة ورواية، يدور حول الحزن والفقد والفراق والخذلان والحرمان. 
فالمعاناة هي التربة التي يزهر فيها الإبداع، والجرح هو القلم الذي يخطّ أصدق الكلمات. 
ولعل هذا يفسّر لماذا قالوا: "وراء كل عظيم امرأة"، لكن ليست بالضرورة امرأة محبة داعمة، بل قد تكون امرأة سطحية، نكدة، عنيدة، أو غير مبالية.
فهي التي صنعت معاناته، والمعاناة صنعت عظمته. 
فالمرأة في حياة العظيم إما أن تكون جنةً تهبه سعادة عابرة، أو جحيمًا يصهره ليخرج منه ذهب الفكر والإبداع. 
أما المرأة فقصتها مختلفة؛ فهي لا يزهر إبداعها إلا في مناخ الاستقرار والأمان. 
فإذا رزقت بزوج يقدرها ويصونها، انطلقت مواهبها وتفتحت ملكاتها.
فالرجل يبدع من الألم، بينما المرأة تبدع من الأمان. 
وهكذا، يمكننا أن نقول:
إن وراء كل رجل عظيم امرأة مطينة عيشته… ووراء كل امرأة عظيمة رجل احتواها ومنحها الأمان.

[email protected]