رسالة إلى سيادة الرئيس عيدروس الزبيدي: الإعلام والمسؤولية الوطنية

كتب | محمد العياشي alayashi2017@
سيادة اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي
في هذا المنعطف الحرج من تاريخ وطننا، نقف أمام تحدٍ كبير لا يحتمل التشظي ولا يقبل المزايدات. إن المعركة الوطنية الكبرى التي يجب أن تكون بوصلتنا جميعاً، هي معركة القضاء على الانقلاب الحوثي، تلك الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب العالمية، والتي ما زالت تشكل التهديد الأخطر على كيان الدولة اليمنية ونسيجها الاجتماعي ووحدتها السياسية. وما عدا ذلك من قضايا وطنية وخلافات سياسية فهي قابلة للحل والتفاهم بلغة الحوار، وبالاحتكام إلى العقل والمنطق والمصالح الوطنية العليا، لا بلغة التشهير والتحريض والتخوين.
سيادة اللواء، يؤسفنا أن نشهد أن الإعلام التابع لسيادتكم، ممثلاً بقناة عدن المستقلة، إضافة إلى طيف واسع من الإعلاميين والصحفيين والناشطين المحسوبين على المجلس الانتقالي، قد انحرف عن جادة المهنية والعمل الوطني، وانشغل ليلاً ونهاراً ببث الإشاعات وشق الصف الوطني وزرع الفتن، وتوجيه سهام الكذب والتشويه نحو محافظة مأرب. وهي المحافظة التي صمدت في وجه الانقلاب، واحتضنت أبناء اليمن من كل المحافظات، وقدمت ولا تزال تقدم قوافل من التضحيات في سبيل الجمهورية.
من يخذل مأرب، يخذل اليمن. ومن يتعمد تقسيمها وتشويهها عبر منصات إعلامية تنطلق من العاصمة المؤقتة عدن، ومنها قناة عدن المستقلة، يسهم بوعي أو بغير وعي في خدمة المشروع الحوثي نفسه. وقد أصبح من المقلق أن بعض هذه الأصوات الإعلامية باتت تتحدث بلسان المليشيا الحوثية، تروّج بيانات يحيى سريع، وتُسقِط على مأرب تسميات دخيلة، وتكرر مفردات الحوثي ذاتها، وتفرح عند كل شائعة تُنسب إلى مأرب أو أبنائها.
الأخطر من ذلك أن من يختلف معكم أصبح تلقائياً يحمل صفة "داعشي" أو "إخونجي" أو "عميل"، بحسب المزاج السياسي اللحظي، وهذا منهج ليس من الحكمة في شيء، ولا يخدم إلا خصوم الدولة اليمنية ومشروعها الجمهوري. هل من المقبول أن يتم اتهام قنوات مثل "العربية" و"الحدث" بأنها "إعلام إخونجي" فقط لأنها تناولت موقفاً لا يروق لبعض قياداتكم؟ كما غرد بن بريك سابقا، وهل من المصلحة الوطنية أن تظل الخطابات الإعلامية الانتقالية توزع التهم بالمجّان، وتسعى إلى كسب التأييد عبر تخويف الجهلاء وتضليل الرأي العام؟
سيادة اللواء، إن الشعب الذي تعب من الحروب والصراعات بحاجة إلى خطاب إعلامي مسؤول لا يستسهل الكذب والتضليل، ولا يغرق في فبركات الإنجازات الوهمية، فيما العاصمة المؤقتة عدن تغرق في الفشل الإداري والخدمي. والحقيقة، وإن تأخرت، لا بد أن تظهر. ومهما طال زمن الزيف الإعلامي، ستبقى مأرب صامدة، وسيبقى أبناؤها ورجالها وقبائلها سدّاً منيعاً في وجه السلالية والمناطقية، لأنها تدافع عن اليمن كل اليمن، لا عن مشروع خاص ولا فئة محددة.
سيادة اللواء دعونا نراجع أنفسنا جميعاً، ونعود إلى ثوابتنا الوطنية. فالوطن يتسع للجميع، والنصر لن يتحقق إلا بوحدة الكلمة والصف، والتمسك بالمبدأ، والوفاء للدماء التي نزفت في سبيل الحرية والكرامة.
والله من وراء القصد.