"رؤية القادة الشباب تصنع المستقبل: كيف تقود السعودية والإمارات عصر النهضة العربية الجديدة ؟"..
شهدت زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة محطة محورية في مسار العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، حيث مثّلت هذه الزيارة دفعة قوية لتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات الحيوية. وقد تم خلالها توقيع مجموعة واسعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت قطاعات حيوية مثل الطاقة، الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا المتقدمة، الصناعات الدفاعية، الفضاء، السياحة، ومشاريع البنية التحتية، ما يعكس الرغبة الجادة لدى قيادتي البلدين في توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بما يخدم مصالح الشعوب ويعزز الاستقرار الإقليمي. خلال الزيارة، تم الإعلان عن حزمة من الاتفاقيات الاستثمارية والاقتصادية التي تجاوزت قيمتها مئات المليارات من الدولارات، وركزت على قطاعات المستقبل، من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة النظيفة، مرورًا بتقنيات النانو والصناعات العسكرية والسياحية. وقد ساهمت هذه الخطوات في نقل التعاون من مستوياته التقليدية إلى شراكات استراتيجية طويلة الأمد قائمة على تبادل المصالح ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات البشرية، في إطار سعي السعودية والإمارات إلى تنويع مصادر الدخل والابتعاد عن الاعتماد الأحادي على النفط. تُجسّد هذه التحركات الرؤية الطموحة لقيادتي السعودية والإمارات، المتمثلة في سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وسمو الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات، كنماذج للقيادة السياسية الشابة الواعية والفعالة. فهما لا يقتصران على إدارة شؤون الدولة ضمن حدود الإدارة التقليدية، بل يسعيان إلى رسم ملامح المستقبل من خلال خطط استراتيجية تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، والارتقاء بجودة الحياة، وبناء الإنسان وتمكينه ليكون ركيزة التنمية ومحورها الأساسي. لقد استطاعت القيادتان إحداث نقلة نوعية في المشهد الاقتصادي والاجتماعي، مستندتين إلى رؤية واضحة تهدف إلى بناء مجتمع قوي ومتطور قادر على المنافسة عالميًا، مع اعتماد كلي على المواطن في مختلف القطاعات، مما يعزز من سيادة الدولة واستقلالية قراراتها الاقتصادية والسياسية. في المقابل، تعاني اليمن من غياب قيادة وطنية ذات مشروع واضح للنهوض بالدولة. فالوضع في اليمن يزداد تعقيدًا مع استمرار الحرب وسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا على أجزاء من الشمال، والانفصاليين في الجنوب، مما يعكس تعدد الجهات المتسببة في الأزمة. هذا بالإضافة إلى انتشار الفساد في مؤسسات الدولة، ووجود أطراف داخلية وخارجية تستثمر في إطالة أمد الصراع لتحقيق مصالح ضيقة على حساب معاناة الشعب اليمني. غياب الإرادة السياسية الصادقة، وتفكك النسيج الوطني، وسيطرة تجار الحرب، جعلت من إمكانية تحقيق استقرار سياسي شامل في اليمن هدفًا بعيد المنال. ناهيك عن السعي إلى تنمية شاملة ومستقبل مزدهر، على غرار ما حققته السعودية والإمارات في السنوات الأخيرة. ختاماً تُعد زيارة الرئيس ترامب محطة مهمة في تاريخ العلاقات الأميركية الخليجية، وخصوصًا مع السعودية والإمارات، حيث جسدت الرؤية المشتركة لبناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة والمستقبل المشترك. وفي الوقت الذي تنجح فيه دول مثل السعودية والإمارات في تطويع المتغيرات الدولية لصالح شعوبها، تظل دول مثل اليمن بحاجة ماسة إلى قيادة وطنية رشيدة، تنتمي حقًا للوطن والمواطن، قادرة على توحيد الصف، ومواجهة التحديات، ووضع البلاد على طريق البناء والاستقرار...