معلم بلا راتب، كهرباء بلا تيار، وعسكري بلا راتب ولا تأمين صحي، وحكومة بلا ضمير!...


الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب


بقلم ناشط حقوقي مجهول الهوية حفاظًا على حياته من انقطاع "الأوكسجين الحكومي" في العاصمة عدن وباقي المحافظات المحررة، حيث تشرق الشمس لتذكر الناس بغياب الكهرباء، وحيث يبدأ يوم المواطن  بتأمل فاتورة الماء وكأنه يقرأ رواية مأساوية، وحيث يتحول الجوع من حالة عابرة إلى أسلوب حياة... هناك، يعيش المواطن في فصل جديد من رواية العبث الحكومي.

معلم بلا راتب... لماذا التدريس أصلاً؟

في الجنوب، لا يحتاج المعلم إلى راتب؛ فالتعليم أصبح نوعًا من "الهوايات التطوعية". 
إذا كنت تريد التدريس، فتأكد أن لديك شغفًا بالجوع، ورغبة في تجربة حميات غذائية قسرية، قد تؤهلك لأن تكون نجمًا في برامج الواقع مثل "البقاء على قيد الحياة في ظل حكومة بن أحمد مبارك".

المعلم الجنوبي اليوم لا يكتفي بتدريس الطلاب، بل عليه أن يتعلم فنون البقاء ، يمكنك أن ترى المعلمين يبحثون عن وظائف بديلة: 
منهم من يعمل سائق دراجة نارية بعد الدوام، ومنهم من يبيع القات في الأسواق، بينما آخرون بدأوا يخططون لكتابة مذكراتهم تحت عنوان كيف تصنع عالِمًا من لا شيء؟

كهرباء بلا تيار... والكهرباء "شمعة في قلب الظلام:

في الجنوب، الكهرباء ليست خدمة، بل ذكرى جميلة يتناقلها الناس في الحكايات.

أما الآن، فقد تحولت الكهرباء إلى حلم بعيد المنال ، المواطن الجنوبي يتفنن في اختراع حلول بديلة: مولدات صوتها يشبه هدير الدبابات، بطاريات شمسية لا تعمل حتى تحت شمس الظهيرة الحارقة، وأحيانًا، "لا شيء هو الحل الأمثل لتوفير الطاقة.

عسكري بلا راتب... ولا تأمين صحي:

في جنوبنا الحزين، يقف العسكري في نقطة التفتيش، يواجه الشمس الحارقة والليل البارد، دون أن يتلقى راتبه منذ أشهر. 
ومع ذلك، يتمسك بالسلاح وكأنه يقول: "الوطن أغلى من المال"، لكن الجوع يرد عليه قائلًا: الوطن جميل، لكن ماذا عن الغداء؟

أما التأمين الصحي، فهو مجرد مصطلح معقد لا يعرفه العسكري الجنوبي. 
إذا مرض أحدهم، فإن عليه أن يعتمد على وصفات الجدات أو يجرب حظه مع الطب البديل. حتى أقرب المستشفيات قد ترفض استقباله، إلا إذا كان مستعدًا لدفع ثمن العلاج ببيع ما تبقى له من ممتلكات.

حكومة بن مبارك بلا ضمير... أو ما يشبه الحكومة:

الحكومة اليمنية هنا ليست مجرد كيان إداري، بل هي مؤسسة متخصصة في اختراع طرق جديدة لقتل الأمل. 
ربما هي الحكومة الوحيدة في العالم التي تعتقد أن التجويع سياسة اقتصادية، وأن انقطاع الكهرباء فرصة للتأمل الروحي، وأن حرمان العسكريين من حقوقهم هو جزء من خطط الإصلاح.

يبدو أن حكومتنا تدرس كيفية تحويل الشعب إلى "كائنات مكتفية ذاتيًا". 

لماذا يحتاج الناس إلى رواتب؟

تسأل الحكومة اليمنية بدهشة... يمكنهم العيش على الهواء والماء... أو حتى بدون الماء!

خاتمة بلا أمل:

في النهاية، نحن أمام لوحة مأساوية كئيبة
معلم بلا راتب، كهرباء بلا تيار، عسكري بلا تأمين صحي، وحكومة بلا ضمير. لكن لا تقلقوا، فالحكومة اليمنية لديها حل سحري لكل هذه الأزمات: بيانات صحفية مكررة ووعود كاذبة.

ربما حان الوقت لأن نتوقف عن انتظار التغيير، وأن نسأل أنفسنا السؤال الحقيقي: 

متى ستعود هذه الحكومة إلى رشدها؟ 

أم آن الحلم بحكومة "ذات ضمير" هو أكبر كذبة في تاريخ الجنوب؟