الغفوري في مقيل الخيمة للبحث عن "ميثاق الشرف"
مروان الغفوري، الطبيب الألماني، والإخونجي اليمني "السابق"، قرر فجأة أن يلبّي دعوة إلى "خيمة الخوان" في الرياض، حيث يجتمع مشردوا السياسة اليمنية لاحتساء القهوة السعودية وتبادل أمور بلد لم يعد لهم فيه سوى الذكريات.
لكن يبدو أن الغفوري لم يكن مجرد ضيف عابر، بل تم استدعاؤه كمتحدث رسمي باسم مجموعة من المنفيين، ليقول بلسانه ما يعجزون هم عن التصريح به، لأن جميعهم لا يزال يبحث عن إكرامية اللجنة الخاصة آخر الشهر، ويخشى من إيقافها.
بدأ الرجل مقاله بإعلانٍ خطير، لقد "خزن القات" في الرياض.
وهذا بحد ذاته اختراق أمني، فقد اعتدنا أن يكون القات مادة يمنية خاصة، تستهلك في جلسات طويلة ينتهي معظمها بلا قرارات، لكنه هذه المرة تسلل إلى عاصمة القرار العربي. ولكن مهلاً، فالقضية ليست "تخزين القات" بل تخزين الروايات الحزبية الجاهزة، والتي يبدو أن جماعة الخيمة كانوا بحاجة إلى إعادة تدويرها عبر فم جديد، بعدما أكل الزمن على أحاديثهم وشرب.
وفي أجواء المقال المشحونة، خرج الغفوري ليكشف لنا سراً خطيراً، "الزبيدي وقّع على ميثاق شرف، ثم استيقظ صباحاً وقرر الانسحاب" هكذا قالها بكل صفاقة دون مراعاة للشرف المهني لكاتب بحجم مروان الغفوري الذي جمع بين الدهاء السياسي والثقافة والطب في آن واحد.
يا للكارثة، فالرجل الحر الذي أعلن عن مشروعه السياسي بوضوح، والذي لا يخفي نواياه، يُلام لأنه لم يبصم على ميثاق صاغته أيادٍ خبيثة لا علاقة لها بالشرف، شاركت مع الحوثي يدا بيد لغزو الجنوب.
هل كان المطلوب منه أن يلتزم بوثيقة لم تلتزم بها حتى القوى التي تدعو للميثاق؟
أما الكذبة الكبرى، فهي ادعاء الغفوري بأن دخول سقطرى لا يتم إلا بفيزا إماراتية "وعجبي يا دكتور غفوري"!
هذه المعلومة، التي لم يكلف نفسه عناء التحقق منها، وكما يبدو أنها وصلته بالتلقين ليجترها مع أعواد القات المهربة إلى الرياض، وهو تحدٍّ مفتوح، فليأتِ الغفوري بوثيقة واحدة تثبت صحة كلامه، ولن يجد إلا "حكايات صديقه حرم السفير"، حيث يتحول الواقع إلى روايات درامية من نسج الخيال الحزبي.
لكن اللافت في رحلة الغفوري إلى الرياض، ليس في محتوى الاجتماعات، بل في اهتمام إعلاميي الشمال هناك، الذين انشغلوا بتقييم جودة "الفحسة اليمنية" وطريقة تقديمها، وكأن ما يجري في صنعاء ومحافظاتهم المختطفة، مجرد أخبار عابرة، بينما القات والفحسة والنشوة المؤقتة أهم من نقاش مستقبل اليمن شماله وجنوبه.
وأخيرا خرج الغفوري من الرياض مقتنعًا أن الحل لإستعادة كرامتهم لن يتحقق سوى ب "مُعجزة" أو "مصادفة"، وكأنه أدرك متأخراً أن جماعة "الخيمة الرمضانية" لا يملكون سوى الثرثرة، وأن الميثاق الذي وقّعوه من دون الرئيس الزبيدي، ليس سوى ورقة تواليت أخرى تضاف إلى أرشيف الاتفاقيات الميتة.
وهكذا، عاد الرجل إلى غربته، بعدما أعاد تدوير خطاب حزبه في الرياض، واكتشف أن المشكلة ليست في تخزينة القات، بل في الذين يخزنون الحقد على الجنوب وعلى دولة الإمارات، بدلاً من الحلول.
وسلامتكم