نقد المسلسلات بين التحليل والترويج غير المباشر

نقد المسلسلات بين التحليل والترويج غير المباشر

كتب| صلاح العياشي

في هذه الأيام المباركة، نشهد موجة جديدة من انتقاد المسلسلات والممثلين، وهو أمر قد يبدو في ظاهره إيجابيًا، لكنه في الواقع قد يحمل آثارًا عكسية. الغريب في الأمر أن بعض الأكاديميين والشخصيات الاعتبارية، الذين يُفترض أن يكونوا قدوةً في توجيه المجتمع، انخرطوا في تحليل هذه الأعمال وكأنهم يدرسون قصائد شعرية أو أعمالًا أدبية رفيعة، متجاهلين – أو متغافلين – عن الفساد الذي يستشري في معظم تلك المسلسلات، ليس فقط في المشاهد التي تعرض على الشاشة، ولكن في مراحل التصوير والإعداد وما يرافقها من اختلاط، وتبرج، ومزاح غير منضبط، وفساد أخلاقي ظاهر أو خفي لا يخفى على من لديه أدنى وعي.

والمؤسف أن هذا النقد، مهما كانت نوايا أصحابه، يتحول في النهاية إلى دعاية غير مباشرة للمسلسلات التافهة، إذ يثير فضول الناس لمشاهدتها بحجة التحقق مما يُقال عنها، مما يجعل المنتقد شريكًا – بوعي أو بدون وعي – في ترويجها، وقد ينال وزر من تأثر بها وشاهدها بناءً على نقده أو تحليله.

المسلسلات الدينية المزعومة: خداع باسم الدين

من أكثر الأمور التي تستدعي التوقف، ما يُسمى كذبًا وزورًا بـ"المسلسلات الدينية"، وهي التي يُراد لها أن تكون استثناءً مقبولًا، رغم أنها لا تخلو من وجود النساء في مشاهدها. والحق الذي لا مراء فيه، أن مشاركة المرأة في أي عمل درامي، حتى وإن كان يُوصف بالديني، أمر محرم لا يبيحه الشرع ولا يرتضيه العاقل. فكيف يُعقل أن تُجسد امرأةٌ دور زوجة لرجل غريب، أو أمًا لغير ابنها، أو ابنةً لرجل ليس من محارمها؟! وكيف يكون الحديث المتبادل، والتعامل المباشر مع الرجال الأجانب، مجرد "تمثيل" يُسوّغ المحظورات؟

إن المسألة هنا ليست مجرد مشهد تمثيلي، بل هي خرق واضح لأحكام الشريعة التي جاءت لحفظ الأعراض وصيانة الحرمات، فلا يمكن قبول فكرة أن المرأة تظهر أمام ملايين المشاهدين في أدوار مختلطة ثم نُلبس ذلك ثوبًا دينيًا. ولو سألنا أي رجل غيور: هل تقبل أن تكون زوجتك، أو أختك، أو ابنتك، في مثل هذه المواقف، ولو تحت مسمى "الفن الهادف"؟! الجواب الصادق الذي يمليه الفطرة والعقل هو: لا وألف لا.

الموقف الصحيح: التجاهل بدل النقد المروج

إن كان الغرض من انتقاد هذه المسلسلات هو التحذير منها، فالأولى أن يتم ذلك دون ذكر تفاصيل تغري الناس بمتابعتها، بل يكون التوجيه العام واضحًا وحازمًا بتركها، وعدم الانخداع بالشعارات التي تُروّج لها، سواء تحت مسمى الدراما الاجتماعية أو التاريخية أو الدينية. فالتجاهل التام لمثل هذه الأعمال هو أفضل وسيلة لمحاربتها، لأن النقد المفرط لها قد يكون سببًا في زيادة شهرتها وانتشارها، وهو ما يصب في صالح صُنّاعها دون أن نشعر.

وفي النهاية، يبقى الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يكون ميزانه في الحكم على الأمور هو ميزان الشرع، وليس ما اعتاده الناس أو سوّق له الإعلام. فإن كان العمل فاسدًا في أصله أو في وسائله، فلا ينبغي أن يُلتفت إليه، فضلًا عن تحليله أو الترويج له، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.