مصفاة الضبة وأنبوب الشفط الوطني!

في اليمن، حيث تتحول العجائب إلى روتين يومي، وحيث لا شيء يثير الدهشة بعد الآن، هناك أنبوب نفط ومصفاة تكرير تعملا منذ أكثر من عامين وكأنهما في عالم آخر، بعيدًا عن أعين الدولة... أو ربما تحت أعينها، لكنها "عين مغمضة"!

تخيل المشهد:

خزانات ميناء الضبة النفطي بحضرموت تحتضن أكثر من 3 مليون برميل نفط خام، لكن النفط لا يبقى فيها طويلاً، فهو يجد طريقه السحري عبر أنبوب مجهول الهوية إلى مصفاة محلية نبتت فجأة بجانب الخزانات، وكأنها فطر سام ظهر بعد هطول الفساد!

ولأن اليمن بلد العجائب، فإن هذه المصفاة تعمل بكامل طاقتها منذ أكثر من عامين، تكرّر النفط وتوزعه، ولو سألت أشرف رجل دولة فيهم عن .. 

من يملك المصفاة؟

من مدّ الأنبوب إلى الخزانات؟

من يستفيد من هذا النفط؟

لن يجيبك سوى بعلامة تعجب وصمت لا يمكن تفسيره!

كل الأطراف الحكومية، من السلطة المحلية إلى المسؤولين العسكريين، ينفون أي صلة لهم بالأمر، وكأن النفط يتسرب لوحده، ويذهب للمصفاة لوحده، ثم يخرج منها محمّلًا بالأرباح إلى جيوب مجهولة!

والأجمل من كل ذلك، أن الحكومة بدلًا من أن تكشف الفاعل، تنشغل بالنفي والنفي المضاد، حتى باتت القضية أقرب إلى فيلم كوميدي رديء، حيث الجميع يتحدث عن "الفاعل المجهول" وكأنه لغز بوليسي يحتاج إلى شيرلوك هولمز يمني، هذا إن وُجد!

لكن الحقيقة الواضحة، أن هذه ليست "عملية فساد"، بل هي سياسة متفق عليها وعلى مستوى وطني... فليس هناك دولة تحترم نفسها وتقبل بوجود مصفاة تكرير نفط تعمل في وضح النهار، وبأنبوب ممتد من خزانات حكومية، ثم تقول: لا نعرف شيئًا عن الأمر!

المضحك المبكي، أن السؤال لم يعد "من الفاعل؟"، بل أصبح: كيف يمكن لدولة أن تسقط بهذا الشكل المدوي، ثم تستمر في الادعاء بأنها قائمة؟

لعنتي على شرفكم الوطني.