ثورة أكتوبر حدثاً محورياً في تاريخ الجنوب
في عام 1963، انطلقت ثورة 14 من أكتوبر المجيدة من قمم جبال ردفان الشمّاء، لتكون شعلة أمل ومقاومة ضد الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدر الوطن لأكثر من 129 عاماً. لقد كان المناضلون الأحرار هم صناع هذا المجد، فقد قدموا تضحيات جليلة، فداءً لوطنهم، وارتوت تُربة الوطن بدمائهم الزكية، في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال.
تعد هذه الثورة نقطة تحول تاريخية، حيث وضعت اللبنة الأولى لتحرير الجنوب العربي في 30 من نوفمبر 1967. في ذلك اليوم، انبلج فجر جديد يرمز إلى بداية مرحلة جديدة عنوانها الحرية والعزة والكرامة. لقد انتزع أبناء الجنوب حقهم من براثن الاستعمار، وتلاحموا تحت راية المقاومة، ليؤسسوا لحلم طال انتظاره.
واليوم، يستمر الأبناء والأحفاد في السير على نهج أجدادهم المناضلين، حاضرين على الساحة بوعي وهمة، حاملين على عاتقهم مسؤولية التحرير واستعادة الدولة الجنوبية. إنهم يخوضون معارك الشرف والإباء، ويكتبون ملاحم بطولية في مواجهة التحديات الراهنة، ممثلة في المليشيا الحوثية التي تسعى لغزو الجنوب مرةً أخرى.
لا شك أن ثورة أكتوبر التحررية تمثل رمزاً للنصر والبطولة. لقد كانت وما زالت، بالنسبة للمناضلين الأوائل ومن تبعهم من أبناء الجنوب، أيقونة تتسلح بالإرادة والعزيمة الصلبة. لقد تحطمت أمامها أطماع الاحتلال ، وأكدت على شموخ الجنوبيين وكبريائهم في وجه التحديات.
تعتبر هذه الثورة محطة تاريخية هامة، تستدعي منا التوقف كل عام لاستلهام الدروس والعبر في التضحية والفداء. إن تلك الدروس لا تقتصر على البطولات التي سطرها الثوار، بل تمتد أيضاً إلى التلاحم والاصطفاف الوطني الذي يجسد وحدة الشعب الجنوبي اليوم .
وتأتي ذكرى ثورة 14 من أكتوبر بعد أيام قلائل لتؤكد حرص كافة الجنوبيين دون استثناء، على الاحتفاء بها كل عام. فقد انعكس ذلك جلياً في إصرارهم على إحياء هذه الذكرى، على الرغم من التعقيدات والصعوبات التي تواجههم في مجالات الحياة الخدمية والمعيشية والاقتصادية.
إنهم يمضون قدماً نحو بناء غدٍ مشرق، مستلهمين من تضحيات الأجداد، ومؤمنين بأن الحرية والاستقلال هما حق لكل جنوبي. إن هذه الاحتفالات ليست مجرد تقليد، بل هي تجسيد لعظمة ومكانة الثورة التحررية في قلوب أبناء الجنوب، وعلامة بارزة على الإرادة القوية في الاستمرار في مسيرة النضال.
أن الأجيال الجديدة مدعوة لتحمل راية التحرير والسير على نفس الدرب الذي سطره آباؤهم وأجدادهم. وإن المستقبل المشرق الذي يسعى إليه الشعب الجنوبي يتطلب منا جميعاً العمل الجاد والتضحية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية، في سبيل استعادة وبناء دولة جنوبية يعكس تطلعات جميع أبنائها نحو حياة حرة وكريمة.