البيانات السياسية تشتعل بشان المحافظات الشرقية في اليمن



تعددت البيانات الصادرة خلال الايام الماضية حول ما يجري في حضرموت والمهرة وكلها حملت قلق مشترك من اتساع الانقسام لكنها كشفت تباينا في القوة السياسية وفي وضوح الطرح وفي القدرة على صناعة اثر حقيقي على الارض.

بيان مجلس الشورى جاء قوي اللغة واضح المرجعية ثابت الموقف الوطني وقوته في صلابته السياسية وفي التزامه بالمرجعيات ووضع حدود واضحة ضد اي سلطات موازية لكنه بقي ضعيف في جانب الطرح العملي ولم يقدم ادوات تنفيذ تعيد ضبط المشهد ولا مسار يعالج جذور المشكلة فبقي بيان محذر لا بيان صانع للحلول.

كما ان بيان التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية ظهر اكثر جرأة في التشخيص وقوته في وضوح الموقف وفي تحديد مكامن الخلل دون مراوغة ويعبر عن معسكر الدولة بلغة صريحة ومباشرة غير ان الطرح بقي ناقص لغياب خطة سياسية تضبط الفوضى وتعيد ترتيب المشهد في المناطق الشرقية ما جعل البيان قوي في الموقف وضعيف في المسار الإجرائي الذي يفترض ان يحول الفكرة إلى واقع.

وبيان مجلس النواب امتلك قوة دستورية واضحة وموقف سياسي ثابت وقوته في تعريف المشكلة وفي التأكيد على مرجعيات الدولة ولكنه يعاني من الضعف ذاته في الطرح التنفيذي ولم يقدم رؤية اصلاحية متكاملة ولا آليات لإعادة الانضباط داخل الشرعية ولا لمعالجة اختلال القوات في المناطق الشرقية فبقي بيانا يمنح غطاء نظري من دون قدرة على التأثير الفعلي.

كما ان بيان الاشتراكي والناصري كان الاكثر عمقا لأنه ذهب إلى جذور الازمة وقوته في وضوح المسؤوليات وفي قراءة المشهد قراءة غير سطحية وطرح رؤية قادرة على اعادة بناء الشرعية بصورة متماسكة لكنه افتقر إلى الخطة التطبيقية والآليات القادرة على تحويل الرؤية إلى اجراءات تتعامل مع الانقسام على الارض.

تضع البيانات الحياة السياسية امام معادلة واضحة فالقوة لم تعد في الكلمات وانما في القدرة على تحويلها إلى فعل والبيانات قوية في اللغة وضعيفة في التنفيذ والتشخيص حاضر والجغرافيا تتآكل والمشهد يحتاج اليوم إلى خطوة واحدة مفقودة بالفعل قبل القول.