الوطنية بين شحن العواطف والواجب الحقيقي: قراءة في كلمات الشاعر حسين أبوبكر المحضار..

الناشط الحقوقي  أسعد أبو الخطاب

في قصيدته الشهيرة، يوجه الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار نقدًا لاذعًا للمجتمع والسياسة، مستخدمًا أسلوبه الشعري الجريء للتعبير عن استيائه من الأوضاع الراهنة. كلماته تعكس إحساسًا عميقًا بالمسؤولية تجاه الوطن، وتفتح الباب للتفكير في معنى الوطنية الحقيقي بعيدًا عن الشحن العاطفي الذي أصبح سائدًا في بعض الأحيان.

يبدأ المحضار بالقول: 
ما لُوم صالح لا ولا عبده ولا من شاكله
اللوم كله عالحضارم يومهم سدحوا الرقاب
مسكوا قرون الشاة وكل من جا لبنها حل له
وعيالنا يبكون يوم الشاة يحلبها الغراب.

هنا، يُشير المحضار إلى ظاهرة تواطؤ البعض في المجتمع مع الفساد أو تقاعسهم عن أداء دورهم في حماية مصالح الوطن.
يعبر عن خيبة أمله من أبناء حضرموت الذين "سدحوا الرقاب" وأتاحوا الفرصة للآخرين لاستغلال الوطن، حيث أصبح الغرباء يحلبون خيرات البلاد بينما أبناؤها يبكون على حالها.

البيت الشعري الثاني: 
مسكوا قرون الشاة وكل من جا لبنها حل له.

يجسد صورة رمزية بليغة للانتهازية التي يعيشها الوطن.
فالرمز "الشاة" يمثل الوطن الذي تستغل خيراته من قبل كل من أتى، دون مراعاة للحقوق أو المسؤولية، بينما يقف أبناؤه عاجزين عن تغيير الوضع.

ثم يضيف المحضار بوضوح: ربما محاربة الفاسدين مقبولة، لكن حرب الدفاع عن الوطن ضرورية ولا تحتاج إلى توعية وتثقيف.

يشير هنا إلى الفرق بين محاربة الفساد، التي تحتاج لوعي ونضج سياسي، وبين الدفاع عن الوطن، الذي يعد واجبًا فطريًا لا يحتاج لتثقيف أو شحن العواطف. الدفاع عن الوطن بالنسبة للمحضار لا يحتاج لتحفيز أو تشجيع؛ فهو نابع من الإحساس العميق بالمسؤولية الوطنية.

ويتطرق المحضار في المقطع الأخير إلى أن الوطنية ليست مجرد مشاعر تُشحَن كما تُشحَن البطارية أو اللوح الشمسي الذي يعتمد على سطوع الشمس: الوطنية ما عاد تحتاج إلى كثير العواطف، ليست مثل البطارية واللوح الشمسي، أن غيمت السماء ضعفت وان أشرقت شمسها.

في هذا التشبيه البليغ، ينتقد المحضار الطريقة التي يتم بها استغلال الوطنية كأداة عاطفية في أوقات الأزمات فقط. 
الوطنية الحقيقية ليست حالة مؤقتة تتلاشى مع الظروف، بل هي حالة دائمة تستمر بغض النظر عن التحديات.

خاتمة:
كلمات حسين أبوبكر المحضار ليست مجرد شعر، بل هي دعوة للتفكير في معنى الوطنية الحقيقي والعمل من أجل الوطن دون انتظار الحوافز العاطفية. 
إنها تذكير بأن الوطن يحتاج لأبنائه في كل وقت، وأن الدفاع عنه هو واجب لا يتطلب دعوات أو توعية، بل هو نابع من جوهر الإحساس بالمسؤولية.