في معنى موت الفيلسوفة أميرة حلمي مطر ...
بروفيسور / قاسم المحبشي ...
موت بعض الاشخاص يدخلنا في حالة شعورية محتدمة بالحزن والتأمل والبحث عن المعنى؛ موتها، اكبر الصدمة وأعمق من الحزن وأوسع من الذهول. تلك هي الحالة التي انتابتني وانا اقرأ نبأ رحيل الفيلسوفة المصرية أميرة حلمي مطر 1930–٢٠٢٥) الفيلسوفة الرائدة في العالم العربي، عن عمر ناهز ٩٥ عامًا...
هكذا قرأت الخبر في صفحة عميد بيت الفلسفة دكتور أحمد برقاوي "رحيل من سميت بأميرة الفلسفة الدكتورة أميرة حلمي مطر التي كثفت في حياتها نبل الفلسفة عقلاً وسلوكاً.لم يغادرها الفرح بالحياة حتى بعد بلوغها التسعين" فماذا الذي أثاره عندي هذا الخبر الفاجع؟ رحيل الدكتورة أميرة حلمي مطر التي عرفتها عبر كتبها منذ بداية عهدي بدراسة الفلسفة في الجامعة ومنها: الفلسفة اليونانيّة تاريخها ومُشكلاتها،، دراسات فى الفلسفة اليونانية، محاورة فايدروس لأفلاطون أو عن الجمال.، محاورة ثياتيتوس لأفلاطون، أو عن العلم، مقدّمة في علم الجمال وفلسفة الفنّ، الفلسفة السياسيّة من أفلاطون إلى ماركس، القيّم والعقل في الفلسفة والحضارة والفكر الإسلامي وتراث اليونان وغير ذلك. استوقفني خبر موتها وجعلني اعيد التفكير بموضوع طالما وقد شغلني منذ زمن طويل عن علاقة المرأة بالفلسفة. دعوني قبل ذلك اكتب فقرة في معنى الموت هنا إذ هو الحقيقة المؤكدة في هذه العالم فكل ما نعرفه يمكن أن يكون نسبيًا أو قابلًا للتغيير إلا أن الموت يظل الحقيقة المطلقة...
إن الخبرة اليومية بالولادة والحياة والموت، لا سيما سر الموت ورهبته، دفعت الإنسان الى الاعتقاد في عالم سحري ملئ بالارواح والكائنات الخفية. لم تكن ملحمة جلجامش الا تمثيلا لذلك الصراع الأزلي بين الموت ورغبة الإنسان في الخلود؛ الإنسان الضعيف المغلوب المقهور في محاولته اليأسة التشبت بالوجود مدفوعاً بغزيرة حب الحياة والحفاظ على البقاء. سألت العرافة؛ ما الذي حملك على هذا السفر الطويل جلجامش؟: أجابها: جئت لأسال عن(لغز الحياة والموت)... وعلام تهيم على وجهك في الصحارى؟أجابها: انه "انكيدو" صاحبي وخلي الذي احببته حبا جما لقد انتهى الى ما يصير اليه البشر جميعا فافزعني موته حتى همت على وجهي في الصحارى... أيكون في وسعي إعادته للحياة؟ إجابته أن الحياة لابدية" التي تنشدها لن تجدها. حينما خلقت الالهة العظيمة البشر قدرت الموت علىيهم واستأثرت بالخلود الأبدي...
واليكم مقاربة متخيلة لكيفية يستبطن الفلاسفة والأدباء المعنى :
سقراط : هل تخاف الموت ؟
دوستويفسكي : لا، بل أخاف الزمن ..
سقراط : لا، تهتم هذا الوقت سيمضي ,,
دوستويفسكي : ولكن هذا الوقت هو عمري !
سقراط : معك حق إنه لن يمضي وحيداً ..
دوستويفسكي : وماذا يأخذ معه ؟
سقراط : ما نخاف فقده ، الموت لن يأخذ إلا ما تركه الزمن ..
دوستويفسكي : وأنت هل تخاف الموت ؟
سقراط : لا، بل أخاف الحياة ..
دويستويفسكي : ولماذا ؟
سقراط : لأن الرغبة في الحياة هي من يهزمنا , وليس الخوف من الموت ..
دويستويفسكي : فكيف نهزم تلك الرغبة ؟
سقراط : أن يكون في داخلك ما يتجاوز قيمة الحياة برمتها ..
دويستويفسكي : مثل ماذا ؟
سقراط : إيمان عظيم او حُب عظيم ..
وهذا هو ما فعلته الفيلسوفة المصرية أميرة حلمي مطر، إذ جعلت لحياتها وموتها معنى يحمل ذكرها. وهكذا كان ويفترض أن يكون رحيلها ليس نهاية لحياة جاء أجلها بل استحقاق تاريخي لتأمل أثرها الفلسفي بوصفها أول امرأة عربية استنهجت الفلسفة تخصصا علميا بحماسة واعية إذ كتبت في تقديم كتابها، الفلسفة اليونانيّة تاريخها ومشكلاتها " ليستْ الفلسفة حديثاً حافلاً بالغموض تُثير مشكلات لا علاقة لها بالواقع ولا هي كنز من الأسرار يَسْتعصي على العقل فهمه، ولكنّها مُرشد للفكر يَشحذه للإبداع ويُلقي الأضواء على كثير من الأفكار التي يُسلّم بها أكثر الناس تسليماً بغير نقد ولا اختبار" من الواضح إنها اختارت دراسة تخصص الفلسفة وعي ومحبة عام 1948 وتخرّجت الأولى على دفعتها بحصولها على الليسانس بتقدير ممتاز من قسم الفلسفة عام 1952، عيّنت مُعيدة 1955 في الفلسفة اليونانية وعلم الجمال،وحصلت على الماجستير في الفلسفة السياسية من ذات القسم بجامعة القاهرة عام 1956 ثم الدكتوراه عام 1961 إذ تتلمذت على يد أساتذة كبار، مثل د. زكي نجيب محمود.. د. عبدالرحمن بدوي.. د. يوسف مراد.. ود. مصطفى سويف ومن عام 1975 إلى عام 1981، كانت رئيسة قسم الفلسفة بكلية الآداب، جامعة القاهرة ، وتك فترة ومن إزهاء مراحل تاريخ قسم الفلسفة حصلت على وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، وعلى جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1985، وعلى جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 2003،.
أتقنت الفيلسوفة أميرة اللغة اليونانية القديمة واليونانية والفرنسية والإنجليزية، كما اهتمت بقراءة الشعر وسماع الموسيقى الكلاسيكية وتتذوق الفنون التشكيلية ويشكّل الفن عندها وبجميع أشكاله جانبًا مهمًا وأساسيًا من هواياتها، درّست في الجامعات العربية كجامعة قطر، السعودية، الإمارات العربية المتحدة وجامعة بغداد،وكانت على صلة وثيقة بالجمعيات الفلسفية في العالم وعضوًا في بعض المؤسسات الفكرية في اليونان وفي جمعياتها الفلسفية، كما أنها تنتمي إلى رعيل المفكّرات العربيات اللواتي يشهدن لهن التاريخ الفلسفي بالموهبة والكتابات النوعية في المجال العام امثال هدى شعراوي . مي زيادة ، نوال السعداوي ، فاطمة المرنيسي. وفاطمة إسماعيل ويمنى طريف الخولي وهدى الخولي وأم الزين بن شيخة المسكيني، وفاتن حمدي في بغداد وإبتهال إبراهيم في الزقازيق صبحي صبحي في الإسكندرية ودعاء خليل في الاردن ونجاح زائد في ليبيا وريم الدندشي في لبنان وأمنة النصيري في اليمن وكثيرات غيرهن يضيئن سماء الفكر العربي المعاصر. حينما كنت متفرغا علميا في قسم الفلسفة بجامعة القاهرة عامي ٢٠٢٠ - ٢٠٢٢م لم اتمكن منّ رويتها بسبب مرضها وكبر سنها. ولكن كنت استمع من الزملاء والزميلات في القسم أحاديثهم الايجابية عن فترة رئاستها لقسم الفلسفة التي كانت متميزة بكل المقاييس بالمقارنة مع قبلها وبعدها...
نعم رحلت الدكتورة أميرة حلمي مطر ولكنها لم ترحل إلا بعد إن دونت اسمها في بأحرف من نور في تاريخ الفكر المستنير فهي اول فيلسوفة عربية احبت الفلسفة وأنتجتها وهي ذلك تعد امتداد للفيلسوفة المصرية هيباتيا ت ٤١٥ق.م أول فيلسوفة وعالمة رياضيات وفلك مشهورة في التاريخ وهي ابنة الفيلسوف ثيون الإسكندري، " قُتلت على يد غوغاء من المتعصبين المسيحيين يُقال إنهم كانوا مدفوعين من دوائر كنسية، ما جعلها شهيدة الفلسفة والعقل" ( ينظر الذكاء الاصطناعي Chat GBT) كم من السنين مرت منذ هيباتيا إلى أمير حلمي مطر أول فيلسوفة عربية في ما بعد الميلاد؛ حوالي الفين وخمسمائة عام مضت دون إن يخبرنا التاريخ عن اسماء فيلسوفات
بقدر حضور الفلاسفة من الرجال " ..
ارتبطت الفلسفة عبر تاريخها الطويل بصورة نمطية للرجل الكهل الذي يبدو منهمكًا في التأمل والتفكير في مشكلات العالم الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) وتطالعنا الأنثربولوجيا الفلسفية منذ القرن السادس قبل الميلاد في اليونان القديم بنماذج بالغة الرمزية والدلالة للصور النمطية التي اكتسبتها الفلسفة ورموزها الفاعلة، سقراط وأفلاطون وأرسطو وأفلوطين، أو لا تزو وكونفوشيوس ومو تزو، أو الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن باجة وابن طفيل وسواهم، ولا يقتصر الأمر على الحضارات القديمة، فحتى في حضارتنا الحديثة لا نجد في الفلسفة أسماء نسائية تضاهي رينيه ديكارت وجان جاك روسو وفولتير وفرنسيس بيكون وباروخ سبينوزا وجون لوك وديفيد هيوم وإيمانويل كانط وهيغل وكارل ماركس وتوماس هوبز وغوتيفريد لايبنتز وفريدريك نيتشه وغيرهم، ووفقًا لاستطلاع «أكبر الفلاسفة»، الذي أجرته إذاعة «راديو 4» (Radio 4)، التابعة لـ «هيئة الإذاعة البريطانية- بي بي سي»، في صيف عام 2005، فقد جاء الفلاسفة العشرون الأوائل كلهم من الذكور" ( ينظر ، رسلان عامر، المرأة والفلسفة: هل هناك فيلسوفات؟ منصة معنى، ١٠ مارس ٢٠٢٤) حتى النساء القليلات التن ذاع صيتهن فيلسوفات امثال حنة آرندت (Hannah Arendt) (1906-1975م يشار اليها دائما بوصفها تلميذة مارتن هايدجر المدللة وكذلك أشهرت الفيلسوفة الوجودية سيمون دي بوفوار صديقة جان بول سارتر وهناك حالات مشابهة كثيرة في غياب أو تغييب النساء عن الفلسفة بعكس حضورهن في ميادين العلوم الأخرى. " هناك عددًا غير قليل من النساء اللواتي كان لهن أدوارا مميزة في المعرفة والثقافة والفكر والأدب وسواها في مراحل مختلفة من التاريخ ومناطق مختلفة من العالم.
ثمّة حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، وهي أن نسبة تمثيل المرأة في ميدان الفلسفة قليلة جدًا مقارنةً مع نسبة تمثيل الرجل،.
وهذا ما يقتضي التفسير. والتفاسير التي سنتطرق إليها هنا، هي فقط تلك التفاسير الحديثة الجادة، التي تعتمد على أسس علمية، ولا تأتي من خلفيات منحازة ذكوريًا وتنتقص سلفًا من قدر ومكانة وقدرات وإمكانيات المرأة." ثمة وجهات نظر مختلفة عن حضور الرجل وغياب المرأة من تاريخ الفلسفة إذ ترى، سيمون دي بوفوار «بأن النساء قد تمت إعاقتهن عبر التاريخ بسبب تصور أنهن «انحرفن» عن القاعدة الذكورية» وهو ذات الرأي عند الإنجليزية ماري وولستونكرافت التي كانت ترى أن النساء لسن أدنى مرتبة من الرجال بشكل طبيعي، ولكن السبب في أنهن يبدين كذلك هو افتقارهن إلى التعليم فقط، ولذا كانت تطالب بوجوب معاملة كل من الرجال والنساء على أنهم كائنات عقلانية، وكانت تتخيل نظامًا اجتماعيًا يقوم على العقل" وتلك هل الخلاصة التي توصلت اليها في دراستي عن الجنوسية؛ تحولات المفهوم وسياقات المعنى. أعترف هنا بانني حينما فكرت بالكتابة في موضوع الجنوسية؛ تحولات المفهوم وسياقات المعنى. لم أكن على دراية كافية بما أنا قادم عليه, ولكنني اكتشفت في أثناء الانهماك بالعمل إن الأمر اكبر واعقد واهم بكثير مما كنت أتصور, إذ وجدت العلاقة بين المرأة والفلسفة هي من بين أكثر الموضوعات مدعاة للدهشة والتأمل والاهتمام, إذ لم يشهد تاريخ الأفكار مثل لذلك النمط العلائقي المثيرة بما شهده من تحولات ومفارقات وتناقضات, على سبيل المثال لا الحصر:..
1-الفلسفة هي أكثر العلوم النظرية قرباً من المرأة من حيث ماهيتها الإنسانية وطبيعتها الأنثوية فهي (محبة الحكمة) فيلو سوفيا، وربيبة الدهشة وأم العلوم وحاضنة ومولدة الأفكار والمفاهيم، وقد كان حكيم اثينا سقراط يشبه نفسه بالقابلة، مولّدة النساء معتبرا عمل الفيلسوف توليد الأفكار من عقول النساء والرجال. وتلك رمزية بالغة الدلالة والمعنى فالحب والدهشة والتخصيب والمخاض والوالدة كلها رموز أنثوية خالصة ورغم ذلك أجبرت الفلسفة على أن تكون أبعد العلوم واكثرها اغتراباً عن المرأة أو بالأحرى ارغمت المرأة على عدم الاقتراب من الفلسفة إذ ظلت الفلسفة التقليدية تستبعد المرأة من دائرة اهتمامها انطلاقاً من الثنائية الاعتباطية بين العقل والطبيعة, العقل الذي يمثل (الرجل) الذكر المتطابق مع مفهوم الإنسانية والطبيعة التي تمثل الأنثى الموضوع السلبي, تقول الفيلسوفة المعاصرة شيلارون “المرأة معروضة بالتراث الفلسفي التقليدي على انها ليست كائناً إنسانيا بل هي مثل الأشياء الطبيعية لا تتطلع أن تكون ذاتا تتسم بالأخلاقية والقدرة الفكرية”.٢- ليست هناك علم من العلوم الإنسانية هو أشدها قرباً وحمميه بالمرأة من الفلسفة, إذ وجدت المرأة الحديثة في الفلسفة الملاذ الآمن والأفق الفكري والفضاء الابستمولوجي الخصيب الذي أشبعت فيه سغبها المعرفي وتعطشها الفكري وتنفست فيه الصعداء وصاغت فيه أسئلتها الميتافيزيقية تقول الفيلسوفة ديريد جالوس ” الفلسفة هي النوع الأكثر عمقاً من التفكير الذي نحن مؤهلون له”وحينما نوازن بين طرفي المفارقة, اعني قرب الفلسفة من المرأة واغترابها عنها نلاحظ أن الفلسفة كانت بالنسبة للمرأة في مشروع نهضتها الحديثة والمعاصرة, هي بمثابة القوة الدافعة والسلاح الأمضى في معركتها التحررية, إذ لاحظنا كيف شكلت الفلسفة التمهيد الضروري لمشروع النهضة والحداثة الإنسانية وذلك بالمتطلبات الفلسفية الثقافية المتمثلة بجملة واسعة من الأفكار والمفاهيم الكبرى: الحق, العقل, القانون, الحرية المؤسسة, الإنسان, الطبيعة الإنسانية, المجتمع المدني, التقدم, العلم, الطبيعة التاريخ ، الجسد، المرأة.الخ...
ولا أعتقد أنه يمكن فهم نهضة المرأة
الحديثة بدون فهم الأسس الميتافيزيقية لها, إذ كانت الفلسفة هي التي أيقظت المرأة من سباتها البطريركي, حينما بدأت المرأة تفكر فلسفيا وكان ذلك منذ عصر التنوير, بدأ التاريخ يبتسم بعيون إنسانية , وبدأت المرأة لأول مرة في التاريخ تعي ذاتها الإنسانية وتستعيد هويتها الذاتية الأنثوية, ومنذ الفيلسوفة الانجليزية ماري ولسو لكرافت عام1768م حتى الفيلسوف الفرنسية سيمون دي بوفوار أصبحت المرأة أخيرا وجود لذاته ومن اجل ذاته, بعد أن كانت عبر الإلف السنين وجود في ذاته فقط..
وقد تمخضت الحركة النسوية عن رؤية منهجية جديدة للمعرفة الإنسانية تمثلت في لحظتين هامتين هما:
اولا :نقد النسوية للنظرية الوضعية الذكورية وتأسيس منهجية امبريقية جديدة، تسمى الابستمولوجيا الموقعية النسوية بوصفها نوعًا من فلسفة بناء المعرفة التي تعمل من أجل رؤية العالم وفهمه بعيون النساء المقهورات وتجاربهن من خلال تطبيق هذه الرؤية والفهم على العمل الاجتماعي والتغيير الاجتماعي، أي من خلال التحام المعرفة بالممارسة التي تجمع بين كونها نظرية لبناء المعرفة ومنهجًا للبحث في الوقت نفسه، أي مدخلا لبناء المعرفة ودعوة للفعل السياسي. إن بناء المعرفة من واقع تجارب النساء المعيش، هو القادر على معالجة الخطأ التاريخي، القائم على إقصاء النساء عن مجالات المعرفة السائدة، تقول الباحثة النسوية “باتر يشاهيل كولينيز” إن «التجارب الملموسة للنساء هي التي تقدم المصداقية في ادعاءات المعرفة تلك» وهذا ما استدعى استخدام تقنيات منهجية جديدة، منها؛ المدخل التفاعلي الذي يعتمد على مشاركة المبحوثات في صوغ أفكارهن الجديدة التي تعكس تجاربهن وأفكارهن ومشاعرهن، ومن ثَمّ الابتعاد عن المقابلة التقليدية أي أن تكون تجارب النساء المعيشة هي مدخل البحث والدراسة والتوصل إلى المعرفة الجديدة (شارلين ناجي هيسي – بايير- وباتريشا لينا ليفي وآخرون، مدخل إلى البحث النسوي ممارسة وتطبيقًا، ترجمة، هالة كمال، المركز القومي للترجمة، القاهرة2015)..
وثانيا: تخصيب وتفعيل المعرفة العلمية عامة والعلوم الإنسانية والاجتماعية خاصة بدفقة حيوية جديدة من المناهج والنظريات العلمية الأكثر انسانية،، وهذا ما أفضى إلى تغير ثورى في النظرة إلى العلم بوصفه صنعة إنسانية وإبداعاً إنسانياً، ونشاطاً إنسانياً، وفعالية إنسانية، ومغامرة إنسانية، أو كما أكد مارجوليس في كتابه, علم بغير وحدة : إصلاح ذات البين للعلوم الإنسانية والطبيعة “أن مشاريع العلم هي بصورة حاسمة إنجازات إنسانية، والصفة الجذرية للعلم بعد كل شيء أنه نشاط إنساني .. لذلك فكل العلوم هي علوم إنسانية من زاوية إنجازها الفعلي، فلا يمكن تعيين خصائصها بمعزل عن ملامح الثقافة الإنسانية والتاريخ الإنساني واللغة الإنسانية والخبرة الإنسانية والاحتياجات والاهتمامات الإنسانية”( يمُنى طريف الخولي, مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها، دار الثقافة، القاهرة ١٩٩٠م...