السلطة الزمنية والسلطة الروحية
التلازم بين السلطتين الزمنية (السياسية) والروحية، يضرب بجذوره عميقا في الموروث الإنساني.. حينها كان الملوك القدماء شديدي الحرص على إقناع شعوبهم بأنهم ( آلهة )، أو أبناء للآلهة على أقل تقدير !!
ومنذ ذلك الأمد البعيد، لا تزال الصورة النمطية للملك/ الإله تستحضر ذاتها، وإن بدرجات متفاوتة في تدرجاتها وكثافتها.. ولا ينفك فرعون العصر، يُعيد خلق بنيته السلطوية بذات المفهوم والهيكلية التي كان عليها الفراعنة والملوك المتجبرين..( أنا ربكم الأعلى).
الاستحضار الممنهج لمفاهيم الحكم القديمة، وموجبات الإمساك بالسلطتين الزمنية والروحية معا، تستهدف أساسا تقوية السلطة السياسية للحاكم، وإضفاء هالة دينية عليه، تحوطها آيات القداسة والتبجيل..
بكلمات أخرى يمكن توصيف حالة الإرتداد السياسي في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، باعتبارها توثيقا إحاليا، لإنناج الهيكلية القديمة للسلطة، وبُناها ومفاهيمها الغيبية الأسطورية، ومحاولة بعثها من جديد، انطلاقا من المفهوم الخرافي للحكم القائم على الحق الإلهي، والمتغاير تماما مع حق الشعوب في اختيار حكامهم ومحاسبتهم وفق مفاهيم العقد الاجتماعي.