اتفاق مسقط بين الشك واليقين:...
د. عوض محمد يعيش
بمجرد سماع خبر اتفاق مسقط ، سادت أجواء من الأمل والتفاؤل في الشارع اليمني، كله وتحديدا في أوساط أهالي الأسرى والمعتقلين، وانا وأفراد أسرتي ممن تغشتهم الفرحة، وتغشاهم الأمل الفسيح بالفرج القريب بعودة اولادنا الينا.
و"بحجم هذا الاستبشار الذي عم الناس وفرحتهم باتفاق إطلاق الأسرى والمعتقلين، جاء وبحجمه قلق يساور الأسرى والمعتقلين وأسرهم، فبينما يفرح الناس بالاتفاق يظل القلق هو السائد.!
القلق من أن يكون هذا الاتفاق مجرد خدعة سياسية أخرى.!
فأنا وأسرتي كماهو حال كل أسر الأسرى والمعتقلين يتجاذبنا الأمل والخوف معاً مشاعر متضاربة في انتظار الفرج والإفراج محكومة بمشاعر الأمل والخوف معا كلاهما تتنازعنا .!
فالخبر عن قرب الإفراج عن ابنائنا وإخواننا وابائنا قد أحيا في وعينا الأمل مجددًا، ولكن الخوف من عدم إتمام الاتفاقية وخرقها مثل سابقاتها يلقي بظلاله على هذه الفرحة بسبب احتمالات تعنت وتصلب اعضاء اللجان في مواجهة بعضهم البعض ا.
فيا له من مشهد مأساوي، حيث يجلس أطراف حوار مسقط، كلهم يبتسمون لبعضهم البعض ويبتسمون لكاميرات المصورين ويتصافحون ويعلنون نجاحاتهم في التوصل إلى اتفاقات تاريخية، ولا ندري هل هم كلهم حقًا صادقون ام بينهم من هم قليلو دين؟
هل جميعهم يحترمون فعلًا مشاعر الأسرى والمعتقلين ومشاعر أسرهم ام فيهم من لهم قلوب أشد من الحجار قسوة؟
هكذا هي مشاعر الأسرى والمعتقلين، وهكذا هي مشاعر أسرهم، وستظل حتى تمام تنفيذ الاتفاق بعد شهر وخمسة أيام بحسب إعلان المتحاورين.!
وانا أخشى أن يكون غبائي الاختياري الذي أخبرتكم عنه في منشور سابق قبل يومين قد قادني إلى طاولة الغباء الإجباري، واجد بعد استبشاري وفرحي أن الجميع يلعبون لعبة السياسة، ويستخدمون الأسرى والمعتقلين كأوراق ضغط لتحقيق مكاسب سياسية، ولا أدري هل يكون اتفاق مسقط هذا بداية نهاية الأزمة أم بداية جديدة لصراع قادم؟
أعضاء اللجان وحدهم من بايديهم ان يجيبوا على هذه التساؤلات ومن بأيديهم أن يبددوا الشكوك ويجعلوا اليقين ينتصر على الشك بأسلحة من الرحمة، والعدل، والإنسانية إن كان لها وجود في وعيهم.!
لنا رصيد لاباس به من الخيبات في التعامل مع هذا الملف الإنساني من قبل الساسة ولا يمكنني الآن أن أتذكر اتفاقات سابقة لتبادل الأسرى في دول أخرى تم الإعلان عنها كنجاحات كبيرة، وتبين فيما بعد عدم جديتها غير اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله في عام 2004، والذي تم الإعلان عنه وتسويقه إعلامياً كنجاح كبير، وفي النهاية تبين أن إسرائيل لم تلتزم ببنوده، ومن ثم لقي حتفه ولا غرابة فاسرائيل عادتها التحايل والخبث، وسجيتها أما الكذب، فهو متأصل فيها، لكننا نحن اليمنيين مختلفون تماما. أوما رأي حاملو الملف من جميع الاطراف.!؟.!
ولا اخفي احدا أن القلق يساورني وأخشى أن يكون اتفاق مسقط مماثلًا لهذه الاتفاق، حيث يتم الإعلان عن نجاحات اعلامية كبيرة، وفي النهاية لا يتم تنفيذها وكل طرف يتهم الآخر بالعرقلة والمماطلة كما عودونا، فهل سيكون الحال كذلك؟ ويتم إعلان فشل الاتفاق؟
إن شاء الله لا . لن يكون كذلك.
وبكل أمانة ففي اتفاق مسقط اختبار جدي وجديد لمدى مصداقية الطرفين في إغلاق أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً بفعل تعنتهم مع بعضهم البعض وبفعل خبث كبار ساستهم ، فهذا اختبار لهم بعد سنوات من التعثر والفشل، وأرى في الوقت نفسه أن الاحتمالات المختلفة لمآل هذا الاتفاق كلها مفتوحة، فقد يتم تنفيذ الاتفاق، ويتم إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، وقد يتم التنصل عن الاتفاق، ويتم إعلان فشله، وقد يتم تأجيل تنفيذ الاتفاق، ويتم استخدام الأسرى والمعتقلين كأوراق ضغط لتحقيق مكاسب سياسية، وقد يكون استخدام الاتفاق مجرد خدعة لتحقيق مكاسب سياسية، ويتم التنصل عنه فيما بعد.!
ولانجاح وتمام صفقة التبادل هذه يجب أن يتحمل المجتمع الدولي جزءا من مسؤولية، إنجاحها وتمامها ولو بممارسة الضغط الكافي على أطراف النزاع- ان لم يكن له يد آثمة في العرقلة- بحيث لا يظل هذا الملف مربوطاً بنتائج الصراع العسكري والميداني ولا تطورات الأحداث في المنطقة.
ولا بمطالب معقدة، تشمل إدراج أسماء لا وجود لها عند هذا الطرف او ذاك بزعم انهم اسرى او معتقلين عند الطرف الآخر من باب المماطلة والتعنت ودون تقديم أدلة على ذلك الزعم ، او رفض أي طرف إدراج أسماء مختطفين بحجة أن لهم قضايا خاصة منظورة امام القضاء أو أنهم لا يتبعونه ، ولا يعلم عنهم شيئا رغم وجود الأدلة والقرائن على تبعيتهم له
وبحسب مصادر اعلامية محايدة "فسيكون العبء الأكبر في نجاح الاتفاق وتنفيذه على عاتق الوسطاء الدوليين، وفي مقدمتهم مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لضمان تنفيذ الاتفاق، ومنع أي طرف من الالتفاف عليه، ووضع آلية زمنية واضحة تبدأ بتجميع الأسرى والمختطفين المعتقلين في نقاط محددة، ومطابقة القوائم، وتحديد يوم البدء بعملية التبادل.
في النهاية، لا يمكنني إلا أن اظل متمسكاً بالتفاؤل رغم علمي البديهي أن السياسة هي لعبة قذرة، وأن الأسرى والمعتقلين ومعهم نحن افراد اسرهم الضحايا الأوائل لخُبث السياسيين الظاهرين منهم وغير الظاهرين، و لا يمكنني رغم كل ذلك إلا أن أتمنى أن لا يكون الحال كذلك، وأن لا يكون غبائي الاختياري قد قادني إلى طاولة الغباء الحقيقي الإجباري غير ان فرحتي وأفراد أسرتي كسائر أسر الأسرى والمعتقلين لا ولن تكتمل إلا برؤية ابنائنا وإخواننا وابائنا الأسرى والمعتقلين معنا في بيوتهم وسط عوائلهم" -.
واختم مقالتي هذه ببرقية عاجلة إلى الأخوة المحترمون أعضاء لجان الأسرى والمعتقلين أناشد فيهم ضمائرهم الحية والإنسانية الرحيمة، أن يتوقفوا عن تسييس ومذهبة وتخريب هذا الملف الإنساني (ملف الأسرى والمعتقلين، ) وأن يضعوا حدًا لمعاناتهم ومعاناة أسرهم فهم في الأول والأخير آباء وابناء وإخوة لهم، وبيدهم لابيد غيرهم أن يثبتوا جدارتهم لعمل الخير برفع معاناتهم .!
والله وحده نعم المولى
ونعم النصير.!
.




