الجنوب بين تشويه الإعلام البريطاني وضرورة تصحيح التمثيل الدبلوماسي في دول الغرب



منذ بدء انتشار القوات الجنوبية في حضرموت والمهرة، وقبلها في محطات سياسية عديدة مرّ بها الجنوب برز بوضوح أن جزءاً كبيرا ً من الصحافة ووسائل الإعلام البريطانية ، وحتى بعض الساسة هناك، يتعاملون مع القضية الجنوبية وكأنهم ناطقين غير مباشرين باسم جماعة الإخوان المسلمين. و نقل ما يحدث في الجنوب إلى الشارع البريطاني بصورة مشوهة ومنحازة، لا تعكس حقيقة الواقع على الأرض وكأن مصادرها روايات إخوانية جاهزة، رغم أن بريطانيا تعد من أهم الدول المؤثرة في رسم السياسات العالمية، ولها تاريخ طويل في الجنوب امتد لما يقارب 130 عاماً ويفترض أن تكون أكثر الدول تفهماً لتطلعات شعب الجنوب .

هذا النوع من التناول الإعلامي والسياسي لا يمكن فهمه إلا بوصفه إخفاقاً دبلوماسياً في السياسة الخارجية البريطانية تجاه الجنوب، وعجزاً عن استيعاب التحولات الجارية وموازين القوى الجديدة. فالتعاطي مع قضية بحجم قضية الجنوب بهذا القدر من السطحية والانحياز لا يخدم الاستقرار، ولا ينسجم مع المصالح الدولية التي يفترض أن تدرك أهمية الجنوب ودوره المحوري.

ومع شروع الجنوبيين في خطوات جدية نحو استعادة دولتهم بات من الضروري على المجلس الانتقالي الجنوبي مراجعة شاملة لمسألة التمثيل السياسي في الخارج، وعلى وجه الخصوص في بريطانيا. فالجنوب يمتلك الكثير من الكوادر المؤهلة القادرة على مخاطبة الرأي العام الغربي بلغته وأدواته، وعلى المجلس أن ينتقي بعناية من يمثله خاصة من الكفاءات الناطقة بالإنجليزية، مع تقييم أداء ممثليه في بقية الدول، بما يضمن حضوراً إعلامياً وسياسيا يعكس حقيقة الجنوب على الأقل في الدول الديمقراطية، ومعذورين في الدول التي تتبنى مواقف مسبقة وعدائية تجاه قضيته.

إن المرحلة الراهنة تفرض التفكير بعقلية الدولة لا بعقلية الوجاهة أو العلاقات الشخصية .. ولهذا يبقى العمل المؤسسي والاختيار المهني القائم على الكفاءة هو ما يمكنه أن يفتح قنوات تواصل حقيقية مع مراكز القرار المستقلة، ويوضح أحقية الجنوب في استعادة دولته، ويبرز دوره الحيوي في تأمين الملاحة العالمية وحماية المصالح الدولية، بعيداً عن التشويه والتضليل وعكس الحقائق على الجغرافيا الجنوبية وأهمية هذه الجغرافيا الاستراتيجية بالنسبة للعالم .

#ناصر-المشارع