رسالتي لكل يمني شمالي غاضب على أبناء الجنوب بسبب حضرموت والمهره
أحب ان اوجه رساله للشماليين الساخطين هذه الايام على ما يحدث في حضرموت وأقول لهم بكل احترام و تقدير إن تمركز القوات الجنوبية في حضرموت ليس تصرفًا عابرًا ولا خطوة ارتجالية، بل هو خيار استراتيجي محسوب لحماية الجنوب وأيضًا لحماية الشمال نفسه من أخطر موجتين ضربتا المنطقة، موجة الإرهاب وموجة التمدد الشيعي المدعوم من إيران.
فحضرموت خلال السنوات الماضية كانت هدفًا مفتوحًا للجماعات الإرهابية التي كانت تنفذ عملياتها ثم تعود إلى مخابئها مستفيدة من الفراغ الأمني وازدواج الولاءات في شرعية 7/7. كما كانت المهره بوابة تسعى الميليشيات الحوثية من خلالها للوصول إلى بحر العرب وتحويل المحافظة إلى نقطة تهريب عبر حكومة الشرعيه الفاسدة فيها وارتكاز للمشروع الإيراني.
أبناء الجنوب تحركوا لأنهم أدركوا أن أمن حضرموت ليس شأنًا محليًا فقط، بل ركيزة أساسية لأمن الجنوب ودول المنطقة كلها، وأن تركها دون حسم يشبه ترك باب البيت مفتوحًا للص في غياب أهله. ولولا دخول القوات الجنوبية لكانت حضرموت اليوم ساحة اغتيالات وعمليات انتحارية وربما منصة وساحة جديدة للحوثي كما حدث في عمران وصنعاء.
أما اليوم فحضرموت تنعم بدرجة أعلى من الاستقرار وتراجع واضح في نشاط الجماعات المتطرفة بفضل رجال الجنوب الذين واجهوا الإرهاب في كل وادٍ وجبل، ولم يسمحوا بتكرار سيناريو سقوط المدن بيد الميليشيات الحوثية دون مقاومة.
وايضا أقول للشماليين الذين يحتجون ويجدون غصة من ذلك إن الجنوبيين لا يبحثون عن صراع ولا يطمعون في أرض غيرهم، بل يدافعون عن أرضهم وعمقهم الاستراتيجي. ولو تحركت جيوش الشمال لحماية صنعاء كما يتحرك الجنوبيون لحماية أرضهم حضرموت والمهره لما انهار الشمال أمام الحوثي ولما تمدد بسرعة البرق بالشمال آنذاك.
الجنوب اليوم يعيد بناء أمنه بيده، ويمنع سقوط حضرموت في مشروعين كلاهما مدمر، فوضى الإرهاب والتشيع المسلح. ومن يغضب من ذلك فليس غضبه إلا دليلاً على أنه لم يدرك حجم الخطر الذي كان يهدد حضرموت والجنوب والمنطقة كلها.
وسيبقى الجنوب ثابتًا في حضرموت حتى تُطهر كاملًا من الإرهاب والميليشيات، وتعود إلى أهلها آمنة كما تستحق، لأن أمن الجنوب لا يساوم، ولأن حضرموت ليست ساحة للمساومات السياسية، بل عمق استراتيجي لا يمكن التفريط به.
واليوم نرى مشهدًا غريبًا في الشمال، لم نتوقعه وهو الجماعات المتناقضة في الدين والفكر والمذاهب والسياسة، حوثيين على اشتراكيين على إصلاحيين على مؤتمر، يختلفون في كل شيء ويتصادمون في كل الملفات، ثم فجأة يتوحدون فقط عندما يكون الموضوع هو الجنوب. نرى من يرفع راية الجمهورية، ونرى من يرفع راية الملكية، ومن يدعي الحرص على الوحدة، ومن يدعي الحرص على العلم الذي هو خرقة لا تقدم ولا تؤخر، ولكنهم يتجاهلون في الوقت نفسه التمدد المسلح الذي يهدد الشمال والجنوب ويغير الواقع لصالح مشروع خارجي فارسي.
الغريب أن التيارات التي تعرف بأنها سنية أو إصلاحية أو مؤتمرية أو اشتراكية تعلو أصواتها حين يتعلق الأمر بالجنوب، لكنها تغض الطرف عن الخطر الحقيقي الذي يهدد الجميع بلا استثناء. وهذا التناقض يجعل كل مراقب يتساءل كيف تتصارعون في كل الملفات ثم تصبحون كتلة واحدة حين يكون الخصم هو الجنوب ولماذا يتجاهل كثيرون التمدد العقائدي والعسكري الفارسي بينما ينشغلون بمحاربة إرادة شعب الجنوب الذي يريد حماية أرضه وعمقه الاستراتيجي وثرواته ومستقبله.
ويجب على كل الشماليين أن يوجّهوا بوصلتهم نحو تحرير الشمال نفسه، فالتحرير الحقيقي يبدأ من أرضهم التي سقطت بيد الميليشيات الحوثية الغاشمة. وعلى الشماليين أن يدركوا أن أبناء الجنوب سيكونون عونًا لهم في معركة استعادة كرامتهم وتحرير مدنهم من جماعة فجّرت مساجدهم وقتلت أبناءهم واستعبدت رجالهم وصادرت حياتهم ومستقبلهم، ولن يتردد الجنوب في مساعدتهم على تخليص أرضهم من هذا الاحتلال الميليشياوي الذي دمّر الشمال وهدد المنطقة كلها.
ولكن ذلك مشروط بأن يكفَّ كل الشماليين أذاهم وإعلامهم وأقلامهم عن أبناء الجنوب، وأن يتوقفوا عن استهداف الجنوب وقضيته العادلة، لأن الجنوب ليس شريكًا سياسيًا لهم، بل يسير نحو استعادة دولته واستقلاله الكامل، ولأن الوحدة قد ماتت سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وعسكريًا ولم يعد لها وجود إلا في الشعارات. وما يقدمه الجنوب للشمال هو مساعدة فقط في مواجهة الميليشيات الحوثية، لا علاقة لها بأي مشروع وحدة أو ارتباط سياسي.
ألا هل بلغت،ألا اللهم فاشهد.
*اكرم القعيطي - كندا*
*09/12/2025م*




