حُلم إسرائيل يتبخر.. لا للتطبيع

التطبيع جريمة سياسية، وخطيئة تاريخية ،وانجاز استراتيجي للكيان الصهيوني يضرب التضامن العربي في مقتل، ويمكن إعادة تعريفه بأنه "إجراء تعديل جيو- سياسي إقليمي" في المنطقة، وبالتالي أخطرمافي التطبيع أنه يمهد لأنشاء أوطان قومية لليهود في كل البلدان العربية بعد الفراغ من فلسطين.

التطبيع يهدف بشكل رئيسي إلى إعادة تشكيل منظومة العلاقات والقيم والمفاهيم العربية والإسلامية تجاه الاحتلال، وفق الرؤية الصهيونية؛ ويهدف إلى عزل فلسطين عن أبعادها العربية والإسلامية والاستفراد بقضية فلسطين سعيًالشطبها، وإغلاق ملفها.

بالطبع لن أسرد جرائم التطبيع وتناسلها من وراء الكواليس ،لكن سأذكر جملة من الإجراءات التي تجعل من نقاط ضعف إسرائيل غير قابلة للتحديث ،والبداية من الأمن القومي العربي الذي تحلُمُ إسرائيل أن يكون بأياديها، ثم ثانيًا بروباغاندا التطبيع.

أولًا مصطلح الأمن القومي؛ يعني درع قومي تبنبه الدولة على أساس مواردها لحماية مصالحها الوطنية الثلاثة ( سيادة الدولة، سلامة أراضيها، أمن مواطنيها).

وممالاشك فيه أو غير قابل للنقاش بأن  عقيدة الأمن القومي العربي ترى بأن  الدفاع عن سلامة الأرض ،وأمن المواطن الفلسطيني هو جزء لايتجزء من الأمن القومي العربي.

ياترى هل يعلم الباحثون بأن إسرائيل لاتملك وثيقة أمن وطني !، لماذا؟ لأن التحديات القديمة هي الحديثة ،والتي تضم قائمة طويلة يأتي منها "العداء العربي العلني للصهيونية"، وفي المقابل لديها وثيقة أمن قومي وحيدة اقرت في " مطبخ غولدا مائير " في اكتوبر 1973 نصت صراحة على الآتي:"القوة العسكرية تعتبر الحل الوحيد للمشاكل الأمنية التي تواجهها إسرائيل ".

-ياعرب الصهيونية تعتبر فلسطين أرضًا بلاشعب، لكن الأخطر على الإطلاق بأن تحليل وثيقة الأمن القومي لإسرائيل يقر وُصف إسرائيل لعقود عديدة بأنها دولة غير متجانسة، ومنقسمة ،ومستقطبة. 

فهل يتجرّأ المطبعون على الإطلال برؤوسهم اليوم وفق تطورات الأحداث في بلدنا العربي( فلسطين المحتل) وخصوصًا أن اتفاق أبراهام" بين إسرائيل ودول عربية  يعد إعلاناً رسميا عن تحالف قائم  يهدف الى تهميش القضية الفلسطينية، وتشويهها والقفز على المواقف العربية المعهودة بشأنها.

 من جملة المواقف العربية التي خلدها التاريخ عقوبات الإعدام بحق من يتعامل مع إسرائيل، وتلكم مسجله في الدستور السوري، والعراقي ،والكويتي، والليبي، واليمني،أو نزع الجنسية كما في القانون المصري ؛وأخيرًا تجريمهُ في التونسي.

يشار بالبنان الى قرار مجلس جامعة الدول العربية في جلسته المنعقدة في 29/3/1952 حيث تم وضع مشروع لقانون تعتمده الدول العربية لمقاطعة إسرائيل. 

و كذلك أدخل الاتحاد البرلماني العربي، في اجتماع عُقد في عمّان في آذار/ مارس 2019، مادة في إعلانه الختامي يدعو فيها جميع البرلمانات العربية إلى تكثيف نضالها ضد التطبيع بإمكان إعادة ديباجتها على النحو التالي:-

[المادة 1]

يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقًا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في اسرائيل أو منتمين اليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل أخر أيًا كانت طبيعته.وتعتبر الشركات والمؤسسات الوطنية والاجنبية التي لها مصانع أو فروع تجميع أو توكيلات عامة في اسرائيل في حكم الهيئات والاشخاص المحظور التعامل معهم طبقا للفقرة السابقة .

[المادة 2]

يحظر دخول البضائع والسلع والمنتجات الاسرائيلية بانواعها كافة،وتبادلها أو الاتجار بها, وكذلك السندات المالية وغيرها من القيم المنقولة الاسرائيلية.وتعتبر اسرائيلية البضائع والسلع المصنوعة في اسرائيل أو التي دخل في صنعها جزء أيًا كانت نسبته من منتجات اسرائيل على إختلاف أنواعها, سواء وُردت من اسرائيل مباشرة أو بطريقة غير مباشرة.وتعتبر في حكم البضائع الاسرائيلية السلع والمنتجات المعاد شحنها من اسرائيل، أو المصنوعة خارج اسرائيل بقصد تصديرها لحسابها، أو لحساب أحد الاشخاص، أو الهيئات المنصوص عنها في المادة الاولى.

[المادة 3]

يُقصد بالتطبيع إقامة علاقات طبيعية مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل وأجهزتها ومواطنيها.ويُقصد بإسرائيل: الكيان الصهيوني المُحتل والغاصب للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية.

-يشار بالبنان كذلك الى عدم منح إسرائيل صفة مراقب لدى الاتحاد الأفريقي، حيث جُمدت بفعل جهودٍ جنوب-أفريقية جزائرية. ولاننسى أن نعرج على سبُل وقف التطببع واستراتيجية المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني:-

خط الدفاع الأول الغاء كافة اتفاقية التطبيع مع إسرائيل السياسية، والدبلوماسية ،والاقتصادية، والثقافية، والأكاديمية،الرياضية، وشطب مصطلح السلام العربي الإسرائيلي.

خط الدفاع الثاني التسليط الإعلامي ،وفضح الرُؤى المشتركة لبغص دول العالم مع اسرائيل، ولن نشير لبعض الدول العربية، لكن سنركز على الولايات المتحدة، والتي لابد أموال الشركات الأميريكية يتم إدراجها ضمن الغير قابلة للتحصيل، وبالتالي لاتوجد إيرادات، والسبب أن سياسات ترامب  التجارية والداعمة للكيان الصهيوني اجهزت على ثقة العملاء في مختلف دول العالم وشرعنةمقاطعتها. من باب أنها خسارة أسهم غير قابلة للتعويض كل ماعليكم هو طلب ملحق إيضاحات الشركات الأميريكية بخصوص الديون والقروض(الميزانية ،وقائمة الدخل، والتدفقات المالية)، ثم إغلاق التعامل معها والبحث عن بدائل.

خط الدفاع الثالث يُعد التطبيع جريمة بحكم البرلمان العربي والقوانين العربية،  ويُعاقَب بالإعدام كل من حبّذ أو روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها أو ساعدها ماديًا أو أدبيًا أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها.

ختامًا؛ الكيان الصهيوني وفق رؤية اليوم كيانًا عنصريًا استعماريًا استيطانيًا اغتصب أرض فلسطين، ويتوجب إدارة الخلافات الوطنية العربية بسرية دون إظهارها للعلن، مع ضرورة فك الالتباس بين الأمن الوطني والأمن القومي العربي، فالأمن الوطني قد يُفصي  اعتقال كل فئات تغرد خارج سرب الوطن والحكومة ،لكن  ذلك لا يتعارض مع مفهوم الأمن القومي العربي الذي ينادي ب الدفاع عن البلدان العربية منظومة واحدة، وليس كل بلد بمعزل عن الآخر.

باحث استراتيجي يمني.