الهاشميون والشعب اليمني الهوية والسلطة ...
د. عوض محمد يعيش...
المجتمع اليمني لم يكن مجتمعاً نقيا، بل تتعدد فيه الأعراق من التركي إلى الكردي إلى الحبشي إلى الهندي إلى الصومالي إلى الفارسي، وغيرها. غير أن هذه الأعراق لم تجد لنفسها متكأ دينياً تأوله وتتكئ سياسياً عليه لتمايز به على المجتمع اليمني الأصلي مثل الهاشميين الذين اغلبهم اعطوا لأنفسهم من حديث الغدير ( من كنت مولاه فعلي مولاه) ومن لي اعناق ايات من القرءان الكريم حقاً لإحتكار حق الحكم فيهم وهم يعلمون كذب زعمهم هذا.!
أغلب الهاشميون يلعب في وعيهم الزعم بأنهم من نسل النبي محمد (ص)،وهم الذين استطاعوا أن يبنوا لأنفسهم موقعاً سياسياً ودينياً متميزاً في اليمن مستندين إلى نسب مفترى، أتاح لهم التأثير على المجتمع اليمني، وهو ما لم يتسن للهاشميين الأخرين في أغلب الأقطار العربية والإسلامية بما فيها الحجاز، وهو موطنهم الأصلي والتاريخي، بل ليس لهم ذات المكانة اليوم حتى في دولة نجد والحجاز (السعودية)مثلاً .
هذا الوضع أدى إلى شعور الأعراق الأخرى بالتهميش وعدم اندماجها بشكل كامل في المجتمع اليمني.!
هذا الوضع يعكس ضعفاً في اللحمة الوطنية اليمنية، خاصة وأن أغلب الهاشميين استطاعوا أن يبنوا لأنفسهم هوية منفصلة عن الهوية اليمنية الأوسع أو بمعنى أصح هوية منفصلة عن الهوية اليمنية الأصل التي تحوي المجتمع اليمني كله.
هذا الوضع هو أحد أهم أسباب تفاقم الصراعات الاجتماعية والسياسية في اليمن، إذ يشعر المنتسبين إلى الأعراق الأخرى في اليمن بأنهم مهمشون أو مستبعدون من المشاركة في السلطة والثروة بفعل هيمنة الهاشميين المستند لنسب مزعوم.!
والحقيقة أن الهاشميين محظوظون جداً بوجودهم في اليمن، لما سبق بيانه ولأنهم فوق ذلك تمكنوا من إيجاد حاضنة - بصرف النظر عن حجمها - لازال فيها اناس يتقبلون إلى حد ما زعمهم أنهم من نسل النبي محمد (ص) ويحظون تحت مظلة هذا الزعم بمكانة اجتماعية وسياسية متميزة في المجتمع اليمني، وعلى أساسها استطاعوا أن يلعبوا أدواراً مهمة في تاريخ اليمن، خاصةً وقد استطاعوا أن يوفروا لأنفسهم تعليماً جيداً ولغيرهم تجهيلاً مطبقاً عدا قليلاً من دروس العربية والحساب وكثيراً من الدروس المذهبية التي ترسخ علو مكانتهم وقداسة مذاهبهم حظي بها قليل من غيرهم.
وهكذا استطاعوا أن يكونون لانفسهم مكانة اجتماعية وسياسية واقتصادية ممتازة في اليمن، وبهذا يكونون هم المحظوظين جداً بوجودهم في مكون الشعب اليمني.
ولا أظن أن مصلحة المجتمع اليمني كله تستدعي عدم الإفصاح عن طبيعة العلاقة بين اليمنيين والهاشميين في اليمن بكونها علاقة معقدة وتاريخية، وتتأثر بعدة عوامل تتمحور نهايتها كلها في الصراع على الثروة والسلطة، ذلك أن أغلب الهاشميون يعتبرون أنفسهم أصحاب حق شرعي في الحكم، بينما يرى اليمنيون ومعهم العقلاء من الهاشميين أن هذا الحق هو حق أصيل لكل فئات الشعب اليمني دون تمييز.!
كما أن بعض الهاشميين يعتبرون أنفسهم أعلى مكانة وقيمة ورمزية من غيرهم من اليمنيين، مما يؤدي إلى تعميق الجراح وإثارة شعور بالغضب والاستياء والكراهية، خاصة وأن الهاشميون يسيطرون على العديد من الموارد الاقتصادية في اليمن، مما يعمق الشعور بالظلم والاستغلال.
وبالمقابل، فموقفهم هذا أوجد رد فعل لدى بعض اليمنيين فأظهروا مكانتهم ورمزيتهم الدينية والتاريخية والسياسية إذ يعتبرون أنفسهم بناء على ذلك أعز جاهاً وأعلى مكانة ورمزية من الهاشميين ومن غيرهم من مكون الشعب اليمني باعتبارهم اصحاب حضارة وكونهم من نسل أنبياء وأحفاد ملوك ومن نسل أبطال ناصروا النبي عليه الصلاة والسلام في فترة ضعفه ونصروا دعوته في مهدها وانتصروا للإسلام حتى رفرفت رايته خفاقة في بقاع واسعة من الأرض.
ومما زاد المسألة تعقيداً في الآونة الأخيرة وقوف أغلب الهاشميون في صف الحوثي ومعهم قلة قليلة من غير الهاشميين، وقاموا بانقلاب على الحكومة اليمنية، مما أدى إلى حرب أهلية ودمار كبير. استقوى فيها الهاشميون" الحوثيين" بإيران مما يؤدي إلى شعور بالخيانة والاستسلام للتدخل الأجنبي، لا يقل عن ذات الشعور بالارتهان المذل من جانب قادة الشرعية ومن في فلكها لدول التحالف التي تعبث بجغرافية اليمن وثرواته.
إضافة إلى استفزاز ات الحوثين المستهجنة من عامة الناس والمتمثلة في إرسال المليارات لشيعة لبنان وفي إقامة موائد باذخة للزوار في النجف وغيرها من مدن العراق في فعاليات عاشوراء وغيرها؛ في الوقت الذي نصيب اليمنيين منهم يتخذونهم ذخائر لحروبهم العبثية ويذيقونهم سوء العذاب ومرارة الاعتقالات والتجويع والقتل والإفقار والقهر وإقصائهم من وظائفهم وإغلاق أبواب الرزق في وجوههم.!
هذا يعتبر تناقضًا صارخًا واستفزاز يثير الكثير من التساؤلات عن طبيعة رؤية الحوثيين إلى أبناء الشعب اليمني.!
ولتحقيق مصلحة اليمن واليمنيين ينبغي أن يدع الجميع التفاخر بالأنساب، فلا يدعي الهاشميون نسبهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام ويتعالون على الآخرين على أساسه، ولا يتعالى اليمنيون بكونهم أحفاد الأنبياء والملوك وأنهم من ناصر النبي ونصر لواء الإسلام ويتعالون على الآخرين على أساسه فكل هذا وذاك نعرة جاهلية مقيتة
تزيد في تعميق الكراهية والأحقاد وتعيق الخطى الصادقة التي تسير على طريق لم الشمل وتحقيق الوحدة الوطنية
وليس من باب التحيز ولا من باب التناقض أن أقول أنه من حق أي شخص أن يعتز بأصوله ونسبه وأن يفخر بانتمائه إلى بني قومه فهذا أمر طبيعي جداً ، ولكن ليس من حقه أن يتعالى على الآخرين بنسبه صحيحاً كان او مزعوماً فليس من حقه ان يدعي لنفسه تميز سياسي أو اجتماعي أو يزعم لنفسه ولقومه الأفضلية والتميز على الآخرين أياً كان بذريعة الأصل والنسب هذا هو الأمر غير الطبيعي وهذا هو الأمر المرفوض كليةً والأهم على اليمنيين جميعاً ان يعو بان التفاخر بالنسب لا يصنع حضارة ولا يبني مجد ولا يقيم العدل ولا يُشغّل الكهرباء، ولا يشق الطرق، ولا ينشئ المستشفيات ولا المعاهد والجامعات ولا يُشيد المصانع ولا يعيد للوطن الدولة التي كانت من تحت الركام.!
فهناك معايير راقية أخرى غير النسب لمن يريد أن يتميز عن غيره من الناس وفي مقدمتها التقوى ،والإنجازات الوطنية والإنسانية ،والعلم ،والأخلاق ،والتواضع ،والتضحية ،والإيثار ،والكرم ،والإخلاص في العمل ،وما في حكم هذه المعايير الإنسانية الراقية المنزهة عن مزعوم النسب والعصبية الجاهلية والمتاحة في نفس الوقت لكل من يتطلع من الناس إلى أن يتميز عمن سواه.!
ولتعزيز اللحمة الوطنية اليمنية، وتمتين النسيج الاجتماعي للشعب اليمني كله يجب العمل على تعزيز الهوية اليمنية المشتركة، والجامعة بين الناس كلهم وتشجيع الاندماج الاجتماعي والسياسي بين مختلف الأعراق والجماعات، كما يجب أيضاً العمل على تعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير فرص عمل متساوية لجميع المواطنين اليمنيين، بغض النظر عن أصلهم العرقي أو المذهبي أو المناطقي.
وختاماً أقول للمتعصبين من الهاشميين ومن اليمنيين: ارتقوا بأنفسكم عن الصغائر فإن تعصبكم وقبليتكم لن تزيدكم كلكم إلا ضعفاً وهواناً، وإنكم بعصبيتكم تحققون مراد أعدائكم ومن يتمترس منكم خلف عصبيته فما هو إلا عدو مبين لليمن واليمنيين جميعاً، بل إنه أداة قذرة للص هيو نية بعلم أو بغير علم..!
ولله وحده الأمر كله.!



