إعادة تشكيل العقيدة الوطنية التهامية: قوة التهامي واستعادة السيادة في معطيات المرحلة...

ان السؤال عن ماهية تهامة وما هي قضيتها وما الذي يميز مجتمعها عن بقية المجتمعات اليمنية ليس مجرد استفسار جغرافي او اجتماعي بل هو سؤال وجودي يرتبط مباشرة بوعي امة ومصير شعب والاجابة على هذه التساؤلات ليست رفاها فكريا بل هي الخطوة الاولى في بناء الاساس الفكري والسياسي للمشروع الوطني التهامي المشروع الذي لا يقوم على اجترار الواقع او استدعاء معاناة الماضي بل على وعي عميق بالذات وامتلاك القدرة على صياغة مستقبل قائم على الكرامة والحرية والسيادة.

والاختلاف بين المجتمعات ليس ضعفا بل سنة كونية ومصدر غنى حضاري وفهم هذا الاختلاف بعمق هو الشرط الاول لأي نهضة حقيقية والتجاهل لهذا الاختلاف او التعامل معه بسطحية يؤدي حتما الى تشويه الهوية وطمس الخصوصية بينما تقديره بوعي يجعل منه ركيزة وقوة استراتيجية للحفاظ على التوازن الوطني ولكل مجتمع ارثه الثقافي ونمط حياته وسلوكياته الاجتماعية التي تصوغ وعيه الجمعي وتحدد دوره في خريطة الوطن وتهامة بما تمتلكه من امتداد حضاري وعمق انساني ليست استثناء من هذه القاعدة.

لقد شكلت التجربة التاريخية الخاصة لتهامة وأورثتها للأجيال منظومة قيمية قائمة على العمل والصبر والكرامة والاعتدال بعيدا عن الانغلاق المذهبي او الصراع القبلي ومن هنا تبرز اهمية اعادة قراءة التاريخ التهامي قراءة جديدة لا من منظور التبعية او المظلومية بل من منظور الهوية والسيادة والبناء الذاتي والخطوة الاولى في ادارة الشأن التهامي تبدأ من اعادة تشكيل العقيدة الوطنية التهامية كإطار فكري شامل يتجاوز مجرد شعور بالانتماء او حنين تاريخي والعقيدة الوطنية هي البوصلة التي توجه الوعي الجمعي وتحول الانتماء من حالة وجدانية الى مشروع وطني متكامل يقوم على اسس فكرية وسياسية واقتصادية وثقافية واضحة.

ان اعادة تشكيل العقيدة الوطنية التهامية بالشكل الذي يتوافق مع معطيات المرحلة ليس مجرد واجب فكري بل هو مسؤولية تاريخية واستراتيجية وكل تأخير في ادراك اهميتها يعرض تهامة لخطر العودة تحت تسلط مراكز النفوذ وقوى الاحزاب التي لم تتوقف عن تطوير ادواتها واساليبها لإبقاء السيطرة واعادة تشكيل النفوذ على حساب الهوية والكرامة التهامية ان وعي الشباب وفهمهم لدور العقيدة التهامية هو الخط الامامي في مواجهة هذا الخطر وهم الحصن الذي يمنع تكرار التاريخ ويحوله الى قوة قادرة على الردع والسيطرة فهل الشباب مستعد لتحمل هذه المسؤولية والوقوف كحائط صلب امام اي محاولة لإقصائهم

تهامة اليوم ليست مجرد ارض ممتدة على الساحل البحري بل هي قلب حضاري نابض بالوعي والتاريخ وهي نقطة التوازن التي يمكن ان تعيد تشكيل المشهد الوطني اذا امتلك ابناها وعيهم وارادتهم للتغيير وهي القوة التي ظلت مكبوتة تحت وطأة الاقصاء والظلم الذي مارسته مراكز النفوذ على التهاميين منذ اكثر من مائة عام ورغم ذلك بقيت ارادة التهامي حية جاهزة للتحول الى قوة مؤثرة تعيد التوازن وتردع كل محاولات الهيمنة والاقصاء.

ولا يمكن لأي مكون اجتماعي او اي مشروع سياسي ان ينهض بدون عقيدة واضحة تحدد هويته توجه ارادته وتمنحه القدرة على حماية ذاته ومصالحه ولا قيمة ولا اعتبار لأي جهود او مشاريع اذا لم تكن مستندة الى فهم واع للعقيدة التهامية التي هي الاساس الذي يمكن ان يبني من خلاله الانسان التهامي ذاته وسيادته ويحوله صمته التاريخي الى قوة فاعلة.

فالتهامي يمتلك خصوصية تاريخية وانسانية فريدة ففي حين تأسست مناطق اخرى على منطق الصراع القبلي والانقسام المذهبي نشأت تهامة في بيئة بحرية وزراعية وتجارية منفتحة على العالم تشربت روح العمل والانتاج والكرامة والتعايش فقد حافظ التهامي على ارثه من دون الانخراط في الصراعات التي مزقت اجزاء اخرى وهذه الخصوصية يجب ان تتحول اليوم الى ركيزة وقوة استراتيجية تهامية ومن لم يدرك هذه الحقيقة لن يكون قادر على فهم دور تهامة او تمثيلها سياسيا وفكريا.

اليوم اكثر من اي وقت مضى يجب على التهاميين ان يدركوا التحولات الاقليمية والوطنية وان يستوعبوا ان اي تأخير في بناء وعي جماعي مستند الى العقيدة التهامية يعني فقدان الارض والفرص وعودة الاقطاعيات القديمة لتفرض هيمنتها هل العقيدة ليست مجرد شعارات او شعور بالانتماء بل هي اداة تحصين واستراتيجية مواجهة وهي ما يحول الوعي الجمعي الى قوة والانتماء الى مشروع والهوية الى ردع امام اي نفوذ يسعى لاقصاء التهاميين مجددا

الجيل الجديد هو حجر الاساس في هذا المشروع الشباب هو من يجب ان يعرف العقيدة التهامية ويفهم ابعادها التاريخية والاستراتيجية لانه حامل المشروع ومستقبل تهامة هل هم مدركون ان فهم العقيدة ليس رفاها فكريا بل مسؤولية وجودية واداة تحرير واعادة تمركز وان اي غياب للوعي سيترك الارض والانسان التهامي فريسة لمصالح الاخرين

ان العقيدة الوطنية التهامية ليست خيارا بل ضرورة للبقاء والتوازن واعادة الاعتبار وهي التي تمنح التهامي القدرة على مواجهة الظلم الطويل واقصاء مراكز النفوذ وهي التي تجعل من تهامة كيان مؤثر قادر على رسم مصيره ومن دون هذه العقيدة لن يكون هناك مشروع واضح للارض او للانسان ولن يكون هناك صمود حقيقي امام الضغوط الداخلية او الخارجية وهي السلاح الاستراتيجي وهي القوة التي تحمي الارض والكرامة معا وهي بوصلتنا نحو نهضة شاملة تبدأ بالوعي الفردي والجماعي وتنتهي بتاسيس مؤسسات قادرة على ادارة المصالح وحماية الحقوق وبناء مستقبل يضمن للتهامي حضوره ومكانته.

وتهامة اليوم امام مفترق طرق حاسم اما ان تنهض بقوة العقيدة والوعي الجماعي فتعيد ترتيب معادلة القوة وتفرض حضورها الوطني والاستراتيجي او تبقى رهينة لمراكز النفوذ القديمة التي ستعيد انتاج الظلم والاقصاء بشكل أكثر والمستقبل لا ينتزع الا بالوعي والتنظيم والارادة والعقيدة الوطنية التهامية هي مفتاح هذه المعادلة وتهامة يجب ان تستيقظ اليوم لتقرر لا لتنتظر لتقود لا لتلحق لتبني لا لتتبع والجيل الجديد هو الحامل الحقيقي لهذه الرسالة والعقيدة التهامية هي القوة والوعي هو السلاح والنهضة هي الهدف وكل تأخير في استيعاب هذه الحقيقة هو تأخير في ولادة تهامة الحقيقية تهامة الارض والانسان القوة والكرامة والارادة والسيادة...