يوم المعلم بين الامس واليوم.. لا جديد
في الخامس من اكتوبر من كل عام يحتفل العالم بـ"اليوم العالمي للمعلمين" وهو مناسبة اطلقتها منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 1994 لاحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشان اوضاع المعلمين التي وضعت اطارا مرجعيا لحقوقهم ومسؤولياتهم ومعايير اعدادهم وتدريبهم وظروف عملهم ومعيشتهم.
ويهدف هذا اليوم الى تقدير وتقييم وتحسين مكانة المعلمين في العالم وإتاحة الفرصة للحديث عن القضايا التي تمس مهنتهم ودورهم في بناء الانسان والمجتمع غير ان هذا اليوم في اليمن يتحول عاما بعد عام من مناسبة للتكريم إلى مناسبة لتجديد الألم اذ تتجسد فيه معاناة المعلمين اليمنيين الذين حرموا من ابسط حقوقهم في ظل حرب طاحنة ارهقت كل قطاعات الحياة وكان التعليم في مقدمة المتضررين.
فمنذ سنوات يعيش المعلم اليمني في دوامة من المعاناة ما بين انقطاع الرواتب في مناطق سيطرة الحوثيين منذ عام 2016 وتاخرها المستمر في مناطق الحكومة الشرعية فضلا عن حرمانهم من العلاوات السنوية والتسويات وانهيار العملة المحلية الذي جعل رواتبهم ان وجدت عاجزة حتى عن سد ابسط احتياجات اسرهم اليومية.
وفي المقابل تصرف جماعة الحوثي حوافز مالية رمزية للمعلمين بدعم أممي لكنها بالكاد تغطي تكاليف المواصلات بينما يتعرض بعض المعلمين هناك لانتهاكات جسيمة كـالاعتقالات والمحاكمات التعسفية والتضييق على حرية الراي هذا الواقع دفع كثيرا منهم إلى ترك مهنة التعليم والبحث عن اعمال اخرى تؤمن لهم ولاسرهم لقمة العيش.
وتشير تقارير صادرة عن البنك الدولي ان ثلث المرافق التعليمية في اليمن تضرر او دمر كليا بسبب الحرب بينما أكدت تقارير منظمة اليونيسف ان هناك أكثر من مليوني طفل خارج المدارس ما يهدد جيلا كاملا بالضياع والجهل.
وفي العاصمة المؤقتة عدن تتكرر المعاناة ذاتها اذ يدخل المعلمون شهرهم الرابع دون رواتب وسط صمت وتجاهل من الحكومة ووزاراتها المعنية وفي مقدمتها وزارة التربية والتعليم ووزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية والوعود الحكومية التي لم تقدّم حتى اليوم حلولا جادة او رؤية واضحة لإنصاف المعلمين او تحسين ظروفهم.
كيف لمعلم ان يؤدي رسالته التربوية وهو لا يجد اجرة المواصلات إلى مدرسته؟ وكيف له ان يغرس القيم والعلم وهو عاجز عن تامين قوت يومه؟
اي حكومة تلك التي تسمح باهانة من يصنع الاجيال ويبنى على يديه مستقبل الوطن؟
لقد اصبح يوم المعلم في اليمن يوماا للتذكير بالماساة المستمرة لا للاحتفال فعام يمر واخر ياتي ولا جديد سوى تزايد المعاناة واتساع الهوة بين الشعارات والواقع وبين التوصيات الاممية والتنفيذ المحلي.
ان إنقاذ التعليم يبدا من انقاذ المعلم ورد الاعتبار له ماديا ومعنويا فالمعلم ليس مجرد موظف حكومي بل هو عماد التنمية وباني الإنسان واذا استمرت الحكومة في تجاهل هذه الحقيقة فانها تساهم في تدمير ما تبقى من منظومة التعليم وتغلق الباب امام مستقبل الاجيال القادمة.
الخامس من اكتوبر يوم المعلم ليس شعارا نحتفل به كل عام بل مسؤولية وطنية واخلاقية تستوجب وقفة جادة من الدولة والمجتمع لانصاف من حملوا رسالة النور في زمن الظلام.
#عارف_ناجي_علي