عودوا إلى اليمن… لا كرامة لمسؤول في المنفى

طبعا من غير المنطقي، ولا المقبول وطنيا أو أخلاقيا، أن يستمر كبار مسؤولي "الشرعية اليمنية" في العيش خارج البلاد، بينما شعبهم يواجه الموت جوعا، ويقاوم القهر تحت سلطة الميليشيات.

فلقد تحولت العواصم الخليجية، خصوصا الرياض، إلى ملاذ مريح لأولئك الذين يزعمون تمثيل اليمن، بينما هم في الحقيقة غائبون عن نبضه، عن ترابه، عن فقرائه، عن أطفاله الذين يتضورون .

بمعنى أدق هل يُعقل أن يبقى مسؤولو "الدولة" في الفنادق لسنوات طوال، وبعضهم راكم الشقق والزوجات والسيارات، بينما لم يحرروا شارعا من الميليشيا في المناطق غير المحررة.

ألم يخجلوا من أنفسهم؟! ألم يخجلوا من وطنهم الممزق؟!

تذكروا أن المملكة العربية السعودية قدمت بسخاء لا يُنكر المال والسلاح والدعم السياسي والعسكري. 

ولكن للأسف، من استلم هذا الدعم كان مجموعة من الفاسدين الذين يتاجرون باسم الدولة وهم في حقيقتهم "شلة الفنادق".

والحق يقال إن هؤلاء لم يكونوا رجال دولة، بل تجار أزمات. كلما أتيحت فرصة دعم جديدة، تحولت إلى أرصدة شخصية وامتيازات فردية، بينما الجبهات تفرغ من المقاتلين، والاقتصاد يتهاوى، والعملة تتآكل.

على إن هذه الشرعية، التي اعترف بها العالم، فشلت في الحرب، وفشلت في السياسة، وفشلت في تقديم نموذج بديل للح..وثي. 

بل بات وجودها في الخارج، على هذا الشكل، وقودا للدعاية الح..وثية نفسها. إذ كيف يمكن أن تقنع شعبا بالثورة على سلطة الأمر الواقع، وأنت غائب لا تتنفس من هواء البلد، ولا تمشي على أرضها؟

لذلك المطلوب اليوم، قبل أي تسوية أو مؤتمر أو قرار دولي، أن يعود هؤلاء إلى اليمن، أن يجلسوا في رؤوس الجبال، إن لم يجدوا عاصمة أو مدينة آمنة، أن يعيشوا مع الناس ويتقاسموا معهم الخوف والجوع والمصير. فيما العودة إلى الداخل ليست بطولة، قدر ما هي الحد الأدنى من الواجب الوطني.

ومن هنا، نوجه نداء صريحا إلى دول الخليج، وعلى رأسها السعودية: أوقفوا استضافة مسؤولي الشرعية. لا تساهموا، من حيث لا تدرون، في ترسيخ واقع انفصالي بين قيادة منفية وشعب منكوب.

ثم إن عودتهم إلى اليمن هي الخطوة الأولى لبناء ثقة مفقودة، ولإعادة الاعتبار لفكرة الدولة نفسها.

بمعنى آخر لا يمكن أن نواجه الكهنوت الح..وثي بشتات سلطوي فاسد. بل لا يمكن مواجهة الإمامة بنسخة أخرى من الغنيمة والتوريث والامتيازات. 

كذلك يجب أن تتوحد الجبهة الوطنية على أرض المعركة، لا على موائد الفنادق، وأن تُمنح المصداقية لمن يختار أن يعيش بين شعبه، لا من يتباهى بمواكب الخارج.

صدقوني لقد طفح الكيل، وكفى عبثا. عودوا إلى بلادكم، إن بقي في صدوركم ذرة من حياء.!