نواميس الإنسان الأول
في عصور ما قبل التاريخ، كان الإنسان يعيش في الكهوف وفق آلية بسيطة جدًا: من يخرج ليصطاد ويغامر بحياته في مواجهة الوحوش، أو من يشارك في القتال لحماية القبيلة، هو من ينال مكانة القيادة والتسيد داخل الكهف. أما من يجلس مكتوف اليدين بلا عمل أو إنجاز، فمكانه التهميش وربما الطرد من دائرة القبيلة.
اليوم، ونحن في القرن الواحد والعشرين، نرى المشهد مقلوبًا ومكعوسًا. فالطرف الذي حرر الأرض وضحّى وقدم الدماء، يجد نفسه مهمشًا أو مضغوطًا ليتقاسم سلطته مع أطراف لم تحرر شبرًا من أرضها، ولم تستطع حتى استعادة منازلها من الحوثيين.
الجنوبيون الذين الذي استطاعوا تحرير أرضهم وحماية وجود الحكومة المعترف بها، هم أصحاب الحق الطبيعي في أن يكون لهم صوت أوسع في الحكم هذا ليس دفاعًا عن منطق القوة الغاشمة، بل عن منطق العمل والحق المكتسب. في السياسة كما في الكهوف: لا يمكن أن يتساوى من يصطاد ويقاتل مع من يكتفي بالمشاهدة.
ونحن نتحدث عن الكهوف، لا يمكن تجاهل أن عبد الملك الحوثي خرج من كهف في صعدة ليطبّق هذه النواميس القديمة، ولكن بنسخة متطرفة أكثر. ومع ذلك، إذا نظرنا إلى من يلهثون اليوم وراء السلطة بلا تضحيات، وإلى هؤلاء الذين لم يحرروا شبرًا واحدًا من أرضهم، قد نضحك – بسخرية مرة – ونقول: ربما كان الحوثي على حق في كيفية تعامله مع هؤلاء المهزومين.
#يعقوب_السفياني