العـدل في توقـيع ما يكـون
فـي كل مـرة ترتفع فيها أسعار العملات الأجنبية، لا ينتظر التاجر لحظة واحدة، بل يسارع إلى رفع أسعار السلع والخدمات، دون الرجوع إلى الجهات المختصة، ودون النظر إلى حال المواطن البسيط الذي يتحمل عبء هذه الزيادات القاسية.
لكـن حين تبـدأ العملة بالتراجـع ويُـعلن عن تحسن في سعر الصرف، تبدأ الحجج بالانهمار "المخزون القديم"، "الشراء بسعر مرتفع"، "الخسارة قائمة"، "السوق لم يستقر بعد"؛ وكأن النزول لا يعنيهم، وكأن الربح لا يُمس، والخسارة لا تُوزع إلا على ظهر المواطن.
إن مـا يحـدث ليس مجـرد اختلال اقتصادي، بل هو اختلال في مبدأ العـدالة التجارية، الذي يجب أن يُنظَّم بقوانين صارمة وإجراءات رقابية حقيقية.
فالسـوق لا يمكـن أن يُترك لسلوكيات فردية لا تراعي مصلحة الناس، ولا تعترف بقرارات الدولة.
إن العـدل لا يكـون انتقائيًا؛ فكما يحـق للتاجر أن يرفـع الأسعار حين تتغير كلفة الاستيراد، فإن من واجـبه أن يُخفضها حين تتحسن الظروف، أما ما نراه اليوم، فهو عـدل مبتـور، لا يُوقّـع إلا حين يربح طرفٌ واحد، ويخسر الطرف الأضعف دائمًا.
عـلـيه؛
نُهـيب بالجهات الرسمية المعنية، وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة، تكثيف الرقابة الميدانية على الأسواق، وإلزام التجار بالتقيد بأسعار منصفة تعكس الواقع الحقيقي لسعر الصرف.
كـما أن على المواطـن أن يكـون شريكًا جادًا في حماية استقرار السوق، بالإبلاغ عن المخالفين، والامتناع عن التعامل مع من يصرّ على استغلاله.
(فالاقتصاد لا يُبنى بقرارات فقط، بل بوعـي شعبي ورقابة صارمـة).
د. هـاني بن محمد القاسمي
عـدن: 6. أغسطس. 2025م
.