المكر السيئ وعاقبته
هناك سنن كونية قدرية لا تتبدل ولا تتغير، وقواعد قرآنية لا تحول ولا تزول. ومن ذلك ما ذكره الله سبحانه وتعالى عن عاقبة المكر السيئ في قوله: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: 43].
فالمكر السيئ هو إخفاء الأذى والسعي إلى إيصاله إلى من مكر به بكل سبيل، فكان سيئًا مكروهًا. وعاقبة أهله أن يحيط بهم جزاء مكرهم ويرتد عليهم سوءا.
إن مثل هذه الخصلة البغيضة تدعو إلى سوء المنقلب، وتفضي إلى انعدام ثقة الناس ببعضهم. وقد بنى الله سبحانه نظام هذا الكون على حسن التعامل بين البشر، لأن الإنسان مدني بطبعه؛ فإذا لم يأمن الأفراد بعضهم بعضًا، بادر كل فريق إلى الإضرار بالآخرين خشية الوقوع في كيدهم، فيسود الفساد الكبير في الأرض، والله لا يحب الفساد.
أمثلة المكر السيئ أكثر من أن تحصى قديمًا وحديثًا، والعاقل من اتعظ بحوادث التاريخ:
أراد فرعون أن يمكر بموسى عليه السلام، فماذا كانت النتيجة؟ وأراد إخوة يوسف عليه السلام أن يمكروا به، فماذا كانت العاقبة؟ .. لقد أثبتت الوقائع أن الجزاء من جنس العمل، وأن على الباغي تدور الدوائر، "واقرأ وقائع التاريخ فكلها عبر – تريك كيف يعود المكر على من مكر".
ومن أمثال العرب المحذرة من مغبة المكر السيئ: "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها".
"من حفر لأخيه جبا، وقع فيه منكبا".
العاقل الحصيف يتمنى الخير للآخرين ويسعى لتحقيقه لهم، أما من يسعى للمكر بالناس فليس من الدين ولا من المروءة في شيء.
إن ما ورد في الآية الكريمة كنز من الفوائد التربوية والعلمية، منها "أن عاقبة المكر السيئ تعود على الماكر، ان من أراد سوءا أو شرا بفرد أو أسرة أو مجتمع سيرتد عليه مكره".
أن في ذلك تسلية لمن مكر به؛ ألا يقلق، لأن الناموس الإلهي قد حسم الوضع لمصلحته، فهل من متعظ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان" رواه أحمد.
التستر بالدين هو أن يتظاهر الإنسان بالتقوى والصلاح، بينما يخفي في قلبه نوايا فاسدة، أو يسعى لتحقيق مصالح دنيوية باسم الدين.
وهذا النوع من الناس يسيء إلى صورة الدين ويبعد الناس عنه، لأنهم يرون التناقض بين القول والعمل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" رواه مسلم.
فالتظاهر بالتدين من غير إخلاص هو خيانة لله ولدينه، وهو من صفات المنافقين الذين قال الله عنهم: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 9].