التطبيع اليمني بين الفرد والهوية الوطنية: مانع سليمان نموذجا

لم تكن علاقة اليمن بالقضية الفلسطينية يوما علاقة هامشية أو مؤقتة. فمنذ النكبة، كان اليمني يرى في فلسطين مرآة لألمه ومظلوميته، لا فرق بين صعدة وغزة، ولا بين صنعاء والقدس.

 فهل باتت هذه الهوية القومية والإنسانية على المحك؟ وهل يمكن لشخص، أيا كان موقعه أو فكره، أن يختزل التاريخ والجغرافيا في مقابلة إعلامية مع عدو تاريخي؟

أمس، ضجت الساحة اليمنية بخبر إجراء مانع سليمان، المحسوب على تيار الأقيال، مقابلة مع قناة إسرائيلية. ورغم أن كثيرين من داخل التيار أعلنوا أن الرجل لا يمثلهم، إلا أن المسألة لم تعد شخصية. فالمشكلة لا تكمن فقط في "من أجرى المقابلة؟"، بل في ما إذا كنا نشهد لحظة إعادة تشكيل الوعي اليمني، وتطبيع "الفردانية السياسية" على حساب القضية المركزية.

على إن الخطر لا يكمن في مقابلة صحفية، بل في أن يصبح التصهين "وجهة نظر"، تُمرر بذرائع حرية التعبير أو باسم "تيار واسع". فإذا كان كل من ينتمي لتيار وطني أو ثقافي كبير يستطيع أن يعبر عن رأي يناقض ثوابته، دون أي موقف داخلي واضح، فإننا أمام أزمة مفاهيم حقيقية.

وطبعا لا أحد يطالب بإقصاء مانع سليمان، ولا تجريمه، ولكن من حق اليمنيين، الذين يرون في فلسطين قضيتهم الأولى، أن يسألوا: ما هو الخط الفاصل بين حرية التعبير وخيانة الوعي العام؟ وكيف يتحول الانفتاح على إسرائيل من خيانة إلى خيار ثقافي مشروع؟

فالتيارات لا تُقاس بتبرؤها من أعضائها عند الخطر، بل بمواقفها المؤسسة والمعلنة. وإن لم يكن للأقيال موقف صريح من التطبيع، فصمتهم يُقرأ كتواطؤ، أو على الأقل كارتباك خطير.

بل في زمن التشظي، تزداد الحاجة إلى الوضوح. 

ولا مانع أن يخطئ أحد، لكن ما لا يجوز هو أن نصمت على الخطأ ونكتفي بتغليفه تحت يافطة "الرأي الشخصي". فبعض الآراء، ببساطة، ليست مجرد آراء. إنها جراح في جسد الأمة.!

ونعرف أن مانع سليمان يظهر للرأي العام العالمي استغلال المليشيات الحوثية لقضية غزة ليس إلا.