المعـلم اليمـني ودور المنـظمات الإنسانية في تعـزيز استـقرار العـملية التعـليمية واستدامتها
تُجـمع الأدبيات التربوية والتنموية على أن التعليم يمثل حجر الزاوية في عملية النهوض بالمجتمعات، وأن المعلم هو الفاعل الرئيس في هذه العملية.
وفـي الحـالة اليمنية، تعرضت المنظومة التعليمية خلال السنوات الأخيرة لهزات عميقة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، كان أبرزها انقطاع الرواتب لفترات طويلة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور البنية التحتية المدرسية، وقد انعكست هذه التحديات بشكل مباشر على أداء المعلم، فأضعفت قدرته على مواصلة رسالته التربوية بالفاعلية المرجوة.
وفـي ضـوء ذلك،
يبرز الدور المحوري للمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، التي بات من الضروري أن تعيد النظر في أولويات تدخلاتها؛ بحيث تُوجّه جزءًا معتبرًا من برامجها لدعم المعلم باعتباره الركيزة الأساسية للعملية التعليمية.
إن تـوفير أشـكال من الدعم الاقتصادي والمعنوي للمعلم يسهم في تمكينه من الاستمرار في أداء مهمته التربوية، ويعزز جودة التعليم واستقراره، الأمر الذي ينعكس إيجابًا وبصورة مباشرة على مخرجات التعليم ومستقبل المجتمع.
كـما أن الدعـم المطلوب لا ينبغي أن يكون ذا طابع موسمي أو آني، بل يجب أن يقوم على برامج مستدامة تستجيب لاحتياجات المعلم الأساسية وتمنحه حدًا أدنى من الاستقرار المعيشي.
فـالمعلم، متى ما توفرت له ظروف معيشية مستقرة وبيئة مهنية داعمة، يصبح أكثر قدرة على الإبداع والعطاء، وأكثر إخلاصًا في أداء رسالته التعليمية.
إن الاستـثمار في المعلم يمثل في جوهره استثمارًا في مستقبل اليمن ذاته، ذلك أن التعليم هو المدخل الرئيس لإعادة البناء والتنمية، والمعلم هو الأداة الفاعلة لتحقيق هذا الهدف؛ وأي تقصير في هذا المجال ستكون كلفته باهظة على الأجيال القادمة، سواء على صعيد مستوى المعرفة أو فرص التنمية المستدامة.
وهـنا نقـول؛
إن التعـليم في اليمن يشكل ركيزة أساسية لأي مشروع وطني يطمح إلى البناء وإعادة الإعمار، والمعلم هو القلب النابض لهذه العملية.
ومـن هـذا المنطلق، فإن المنظمات الإنسانية مُطالَبة اليوم بتحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه دعم المعلم وتمكينه من مواصلة رسالته التربوية.
فـالدعم الموجّه للعملية التعليمية ليس مجرد مساعدة طارئة، بل هو خيار استراتيجي يستثمر في الإنسان والوطن معًا، ويمهد الطريق لبناء مجتمع أكثر استقرارًا وازدهارًا.
إن ضـمان استمرارية العملية التعليمية رهن بقدرة المعلم على الصمود في وجه التحديات، وهذه القدرة لا تتحقق إلا من خلال توفير الدعم المناسب له.
وعـليه،؛
فـإن أي دعـم يُقدَّم للمعلم ينبغي أن يُنظر إليه على أنه دعم مباشر لبناء الوطن ونهضته، وإسهام فعلي في صناعة مستقبلٍ يقوم على المعرفة والوعي والكرامة الإنسانية.
د. هـاني بن محمد القاسمي
عـدن: 2. سبتمبر. 2025م
.