معاليه وحلول التعافي "الإسعافية"
وأخيرًا، أطلّ علينا دولة رئيس الوزراء بحلوله الإسعافية لإنقاذ الكهرباء في عدن. لكن، قبل أن تفرحوا كثيرًا، تذكروا أن هذه الحلول تشبه سيارات الإسعاف عندنا، تصل بعد أن يفارق المريض الحياة، وفي بعض الأحيان، بعد أن يُدفن!
الحال نفسه ينطبق على سيارات إطفاء الحرائق.
السيد الرئيس اتصل، تابع، شدّد، نبّه، ثم صحي من غفوة، وحذّر، وربما أطلق تهديدًا خفيفًا على استحياء، ثم غادر ردهة القصر ليبلغ العالم أنه استطاع اقناع الشعب أن حكومته العرجاء تعمل على قدم مبتور وساق مشلول، وكأن هذه الإجراءات بحد ذاتها ستجعل المراوح تدور والثلاجات تبرد والطاقة الشمسية تستقيل من وظائفها غير الرسمية في أسطح البيوت.
الأجمل أنه أعلن عن ضخ النفط الخام لمحطات الكهرباء ابتداءً من يوم الخميس، في محاولة لإثبات أن الحكومة ما زالت قادرة على التحكم في شيء ما، ولا ندري عن هذا الشيء ولربما كان جدول الأيام والوعود والمبررات الواهية.
لكن علينا ألا نكون سلبيين، فالحكومة، مشكورة، لا تريد مجرد حلول إسعافية، بل تسعى إلى "إصلاحات حقيقية ومستدامة"، وهذا يذكرني بجملة الطبيب الذي يخبر المريض: "لا تقلق، سنوقف النزيف أولًا، ثم نفكر في زراعة كبد جديد لاحقًا" الفرق الوحيد أن المريض هنا هو الشعب، والجراحون محترفون في تضييع الفرص.
ومن شدة شفافية الدولة، طالب رئيس الوزراء بضرورة إنفاق أموال الكهرباء بعيدًا عن الهدر والفساد. رائع! إذن، الفساد مشكلة؟ هذه مفاجأة بحجم انقطاع التيار الكهربائي نفسه! لكن لا بأس، فهناك "منظومة رقابة على مشتقات الوقود المخصصة للكهرباء". ولا ندري هل هذه الرقابة تشبه تلك التي تراقب الصرف الصحي، حيث تفيض المشاكل ولا أحد يلتفت إليها؟
أما عن الحرب الاقتصادية التي يشنها الحوثيون، فهي بلا شك واقع مرير، لكن الحكومة لا تقل مهارة في فن الحروب... خصوصًا ضد الشعب، فالاقتصاد في حالة غيبوبة، والخدمات في عداد الموتى، بينما الحكومة تؤكد أنها "ستبذل كل ما يمكن لخدمة الشعب"، وهنا نتساءل: هل يمكنهم مثلاً بذل جهد إضافي لإبقاء الكهرباء لأكثر من ساعتين يوميًا؟
بالمحصلة، الحلول الإسعافية هذه ليست سوى جرعة بنج موضعي لمريض يحتاج إلى جراحة كبرى. وعلى هذا النحو، سيستمر المواطن في عدن بإجراء طقوسه اليومية بانتظار الحلول كما ينتظر المطر في موسم الجفاف، والتعامل مع الحكومة كما يتعامل مع الكهرباء… بالصبر والشموع!
معالي رئيس الوزراء يعدنا وحكومته بأنه ليس لديهم أية حلول علاجية لقصة الكهرباء نهائيا، ويقولها بكل صراحة أنها "إسعافية".
أي والله العظيم " إسعافية" وافهموها هكذا كما وردت على لسان مسؤول كبير في الدولة.
أي بما معناه أيها الشعب المغلوب على أمره (جهزوا التايرات).
والمخارج كريم