هل تحسن سعر الصرف يدل على القوة الشرائية للعملة الوطنية مقابل العملة الاجنبية؟
كما هو متبع أكاديميا وتجريبيا ينظر إلى سعر الصرف الاسمي باعتبارة تعبير عن المعدل الذي يجري على أساسة تبادل عملة معينة بعملة أخرى والتي تكون مربوطة بسعر قياسي موحد وعادة يلعب الدولار الأمريكي القيام بهذا الدور منذ انتهاء العمل باخر صور من صور قاعدة الذهب.
وفي كل الاحوال فإن سعر الصرف الاسمي (الجاري) يتم الاستدلال عليه من خلال سعر الصرف الحقيقي(التوازني ) الذي يحسب ويتم تعديل طبقا للتغيرات في القوة الشرائية .
وفي هذا السياق فإن سعر الصرف الحقيقي أو التوازني للعملة الوطنية تتم معرفتة بالتغيرات الحادثة في مستوى الأسعار وبالتالي التغيرات التي تحدث للعملة الوطنية في قوتها الشرائية وقدرتها التنافسية داخليا وخارجيا وعبر قراءة موقف الحساب الجاري وعلى وجه الخصوص دراسة واقع الميزان التجاري وتلمس صافي عوائد عوامل الإنتاج الخارجية ..
غير أنه و من واقع العجز الكبير في المؤشرات الاقتصادية الكلية: العجز في الموازنة العامة للدولة و العجز المتفاقم في ميزان المدفوعات ومستويات التضخم القياسية فإن التحسن في سعر الصرف كما صار مفهوما غير ممكن تأسيسا على عمق الفجوة التي تكتنف هذه المؤشرات الاقتصادية الكلية والتي يستلزم اولا مواجهتها وتضييقها بمايجسر فجوة الموارد الداخلية و الخارجية وفقا لذلك يمكن القول إن الانخفاض في سعر الصرف الاسمي يمكن الاستدلال عليه من واقع هذه المؤشرات على أنه مقوم باعلى من قيمتة الحقيقية ولايعكس القوة الشرائية للعملة الوطنية في مبادلاتها بالعملة الأجنبية .
نزول سعر الصرف مجددا يعني انتقال
المبادرة الاقتصادية الى عدن ؟
ما يحدث من انخفاض جديد في قيمة العملة الأجنبية ممثلا بالدولار والريال السعودي في مبادلتهما بالعملة المحلية لايعبر عن أن عوامل ومتغيرات اقتصادية جديدة طرأت للتو داعمة ادت إلى هذه التحسن وانما يعكس حالة من القلق وعدم اليقين وعملية تصحيح تسري في سوق الصرف الأجنبي وتعبير عن حالة من الهلع في ظل متغيرات البيئة السياسية والأمنية التي تجري في اليمن.
لكن الجديد يتمثل في انتقال المبادرة الاقتصادية الى دولة الشرعية وحكومتها وبنكها المركزي في عدن بعد أن كان التأثير والضغوط وتاجيج عمليات المضاربة تأتي من صنعاء.
أوجه التناقض يتبين بناءعلى ماكان متبع وممارس سابقا في سوق الصرف الأجنبي فإنه في مثل هذه المتغيرات في البيئة السياسية والأحداث الامنية التي كانت تحدث في صنعاء أو في البحر الاحمر كان ينتقل أثرها السلبي إلى عدن مباشرة ومناطق الشرعية الأخرى وتتمظهر من خلال المزيد من إشعال عمليات المضاربة وبالتالي الأضرار باقتصاد الشرعية وتضرر دخول المواطنين عبر ارتفاع قيمة الدولار وبالتبعية الريال السعودي من واقع ربطة الثابت مع الدولار الأمريكي و بالتالي تشتغل عمليات المضاربة ويستمر التدهور في نسب تبادل العملة الوطنية مع العملات الأجنبية مع كل حدث أمني أو عدوان خارجي يعتبره الكثيرون مبررا وكان هذا طبيعيا ويحدث في نفس المسار لعاملين اثتين : اولا طبيعة اقتصاد السوق المتبع في عدن مقابل القبضة الحديدة في صنعاء وثانيا قوة تأثير صنعاء على اقتصاد عدن .
اليوم الوضع تغير رغم بقاء القوة القاهرة على صادرات النفط والدليل على ذلك أنه مع إعلان صنعاء لقتلاها يوم امس الناتج عن الهجمات الاسرائيلية هذا الحدث الأمني الخطير انعكس بشكل إيجابي على سعر الصرف في عدن عبر حدوث هبوط جديد لسعر الصرف على عكس ماكان يحدث في الفترات السابقة (كانت الاحداث الامنية في مناطق الحوثيين وضررها السلبي في عدن)
لكن أيضا هذه المرة عملت عوامل أخرى لصالح تحسن موقف العملة الوطنية لاعتبارات كثيرة على غير العادة في مبادلاتها النسبية مع العملات الأجنبية
ومن هذه الاعتبارات :
- انسداد الأفق أمام المضاربين بالعملة داخليا وخارجيا .
-منظومة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة والبنك المركزي التي تبلورت في تعزيز الإصلاحات الاقتصادية والمالية بقوة وبتلاحم منقطع النظير بين السلطات المختلفة .
-عدا أن السوق قام بعملية تصحيح طبيعية وضرورية بعد أن ظل المتعاملين طويلا في شركات الصرافة يشترون العملة الأجنبية ويحجمون عن البيع وكان من الضروري التخلص من الحمل الزائد عن الحد من العملات الأجنبية .
لكن هذه التطورات وان كان ينظر إليها بشكل إيجابي شعبويا فإنها تلقي مسؤولية كبيرة بل ومتعاظمة على البنك المركزي وحكومة الشرعية لناحية تعزز مستوى اليقين بين كافة المتعاملين في سوق الصرف الأجنبي و أصحاب عوامل الإنتاج الاقتصادية المختلفة عدا عن مواصلة تنظيم وتشبيك القطاع المصرفي وممارسة أقصى أساليب الحكومة وتطبيق مبادىء الامتثال وتعزيز علاقة
المؤسسات المصرفية وشركات الصرف
بالبنك المركزي واستمرار التكامل والتنسيق بين السياسات المالية والنقدية والسياسات التجارية والصناعية ومواصلة تنفيد الإصلاحات الاقتصادية والمالية الحقيقية ومواصلة مواجهة غول الفساد المستشري في البلاد .
31اغسطس 2025