"تريم" حين تسكت الأقلام عن دماء الأبرياء فيها، لتشغلنا بالتفاهات 

في زمن تكاد فيه الحرائق تلتهم الأرض والسماء، هناك من يختار أن يشعل النار بأقلامه، بدل أن يكون صوتا للحق والمظلوم.
 بينما ترتكب عناصر المنطقة العسكرية الأولى في مدينة تريم بمحافظة حضرموت أبشع الجرائم، يلهث بعض من يزعم أنهم صحفيون وإعلاميون خلف مهاترات جانبية، ونزاعات جانبية تافهة، تعزلهم عن واقع الدم الذي يراق أمام أعينهم.

هل هذا تغافل أم تغطية مقصودة؟ هل هو تجاهل أم تنفيذ لأجندات تآمرية تخدم أعداء الجنوب؟ 
لم يعد السكوت خيارا، لم يعد الصمت مقبولا، خاصة حين ترتكب الانتهاكات التي تهز ضمير كل إنسان، فقتل الطفل محمد سعيد بادين لم يكن حادثا عابرا، بل جريمة كبرى أُفرغت فيها كل معاني القسوة والتوحش.

أي وطنية هذه التي تجعل من الإعلام ساحة لصراعات وهمية، بعيدا عن قضايا شعب بأكمله؟ أي مهنية هذه التي تختار تغطية المهاترات بدلا من كشف جرائم القتل، الاعتقال، القمع، وإرهاب المواطنين العزل في تريم؟ من يختار أن يكون شاهد زور على انتهاكات تمس الدماء والحقوق يجب أن يسأل عن موقفه أمام التاريخ.

إن استهداف الإعلاميين الذين ينقلون الحقيقة بملاحقة هواتفهم وتكسير أدوات عملهم، محاولة فاشلة لإخفاء الواقع الدموي، لن يوقف صوت الحق. بل يزيد الإصرار على كشف المستور، وعلى محاسبة كل من تسبب في هذه الجرائم البشعة.

ندعو كل من يحمل قلما أو عدسة إلى أن يحيد عن المهاترات الفارغة على وسائل التواصل، ويقف صفا واحدا مع أبناء تريم الذين يدافعون عن حقهم المشروع في الأمن والسلام والكرامة. ونطالب الجهات المعنية بسرعة تنفيذ قرارات تحمي أبناء حضرموت من نزيف الدم، وتسليم مهمة حفظ الأمن لأبناء المحافظة الذين يستحقون الأمان.

السكوت عن هذه الجرائم خيانة لأرواح أبنائنا، والحياد أمام الظلم مشاركة فيه. حان الوقت لأن يعلن الجميع مواقفهم بوضوح، لا تردد، ولا مواربة. فلا مكان هنا إلا للحق، ولا مجال إلا للعدل.