صيانة الطرق في عهد جديد... رؤية تنتصر للقانون والعدالة

لا يخفى على أحد أن المرحلة السابقة من عمل صندوق صيانة الطرق كانت محمّلة بالتخبط والعشوائية، تغيب عنها الرؤية الشاملة وتغيب معها بنود القانون واللائحة التنفيذية التي أنشئ على أساسها هذا الصندوق. كانت الفترة الماضية أقرب إلى الاجتهاد الشخصي منها إلى التطبيق المؤسسي، وهو ما نتج عنه اختلالات في توزيع الموارد وانحراف في الأولويات، مما أفقد الصندوق القدرة على تحقيق الغاية التي أنشئ من أجلها.

أما اليوم، ومع تولي المهندس حسين عقربي قيادة الصندوق، فإن الفرصة متاحة لإعادة الأمور إلى نصابها، والانطلاق من مرجعية قانونية واضحة ترتكز على ركيزتين أساسيتين:

الأولى: حصر وتحديد شبكة الطرق على امتداد الجمهورية، واعتبارها وحدة واحدة لا تتجزأ، تدخل كلها في نطاق خطط الصيانة، دون استثناء لأي طريق أو جزء منها إلا بموجب مبررات موضوعية كالأولوية والحالة الفنية والإمكانيات المتاحة.

 الثانية: شمول وتكامل أعمال الصيانة بأنواعها كافة—روتينية، طارئة، دورية، وقائية، وسلامة مرورية—داخل العقود بشكل لا يقبل الإلغاء أو التهميش، لأن كل نوع من هذه الأعمال يشكل لبنة أساسية في ضمان استدامة شبكة الطرق، وتفعيل تمويل وتنفيذ المشاريع بالشكل السليم، مع تحقيق الأهداف المؤسسية للصندوق.

هذه الرؤية المتكاملة إن تم تبنيها فعليًا من قبل إدارة الصندوق ستكون كفيلة بتحقيق العدالة في توزيع الموارد، وتحسين الخدمة على أرض الواقع بما يلمسه المواطن مباشرة، بدلًا من الحلول المجتزأة التي لا تتجاوز كونها ترقيعًا مؤقتًا.

 على الإخوة في إدارة الصندوق، من النائب إلى مديري العموم في الإشراف والدراسات، أن يتحملوا مسؤولياتهم المهنية، وأن يخاطبوا المهندس حسين عقربي بوضوح: أعمال الصيانة لا تتجزأ. لا يصح أن تفصل بين إزالة الرمال، وترميم الحفائر، وتصفية العبارات، وردم الاكتاف المنهارة، فكلها حلقات في سلسلة واحدة؛ أي خلل في إحداها يعني هدرًا للموارد وتفاقمًا للأضرار.

 ولا بأس أن يبدأ الصندوق باعتمادات محدودة، ولكن ضمن خطة متكاملة، تعالج الضروري والحتمي، بعيدًا عن التجزئة التي لا تخدم إلا استمرار الخلل.

فالطريق أمامكم واضح، واللائحة التنفيذية ليست مجرد نص تنظيمي، بل هي خارطة طريق نحو الإنقاذ، والتنصل منها أشبه ما يكون بمن يكرر ذات الخطأ ويأمل نتيجة مختلفة. فما دون التبني الكامل لهذه الرؤية، فـ"كأنك يا أبو زيد ما غزيت".