الانسان والنوافذ التي لا تنقذ الزمن من الركض في هذا النفق الكئيب..
في هذا الزمن الذي يركض داخل نفق من الأحزان والأوجاع والحروب وقلة الحيلة ، كثيرًا ما يتوقف الانسان أمام نافذة تطل من سقف النفق ، يشع منها بصيص من نور يلهمه السير وسط الألغام والجثث والأفخاخ ومطبات السير ،وتمده بقدر من الهواء النقي لمعادلة رائحة الموت التي يعج بها النفق ...
وأخرى يتسرب منها نَغَم جميل يشحن الكلمة المصاحبة بقوة المعنى وبذخ التعبير عما يجيش في النفس من لواعج الشوق إلى حياة بلا وجع ولا حروب ، ولا تفاهات القوة المغمسة في بقايا تاريخ مقرف من الادعاءات والتبرج بدماء وعظام الخصوم .
ونافذة أخرى تنبئك بذلك التحول العظيم لملايين الناس في كل أنحاء العالم وتنقل اليك أصداءها وهي تردد free free Palestine , وتتوقف أمام أخرى وهي تنقل خبر اكتشاف علمي لمعالجة الخسة والنذالة التي أخذت تشق أخاديد أعمق في كل جرح وحزن وألم ..
وغيرها من النوافذ التي لا تنقذ الزمن من الركض في هذا النفق الكئيب ، ولكنها تمنح الناس قدراً من المقاومة أملًا في الوصول بالسلامة إلى نهاية نفق راح يمتد ويمتد ، ومعه أخذت بعض النوافذ تتوارى ، أو تغلق فيما يشبه إنذارات مفزعة بأن قيم الحب والجمال والسلام على وشك أن تخسر المعركة ، وهي حالات تكررت في التاريخ ، وكان الأنبياء والرسل وعظماء التاريخ هم الذين يتصدون لهذه الانهيارات ولتلك الخسارة ..
.
أما اليوم وقد كفت الارض عن انتاج هؤلاء المنقذين واكتفت بأولئك الذين يطلون على الزمن من تلك النوافذ المشعة بالأمل فلا بد أن كل نافذة تغلق أو تتوارى أو تعلن الحزن تشكل خسارة كبيرة يا زياد .