القـرار الشـجاع يـبدأ من اخـتيار الكـفاءات

فـي خضم الأوضاع الراهنة التي يعيشها الوطـن، ومع تصاعد المطالب الشعبية والسياسية بإحداث تغييرات جوهرية في الجهاز الإداري للدولة، تتجلى حقيقة لا يمكن القفز فوقها "النهـضة تبدأ من الإنسان المناسب في المكان المناسب". 

     فـالإدارات التي تدار بالكفاءات والخبرات المتخصصة تختصر الوقت، وتقلّص الهدر، وتدفع عجلة الإنجاز إلى الأمام بسرعة مضاعفة.

     إن الـفارق بين إدارة ناجحة وأخرى متعثرة، يكمن في نوعية القائمين عليها؛ فحين يتولى الشخص المؤهل مهامه وفق تخصصه، فإنه لا يحتاج إلى سنوات للتعلم أو التكيف، بل ينطلق من اليوم الأول بخطط عملية مبنية على المعرفة والخبرة، وفي المقابل، فإن إسناد المناصب للمجاملة أو على أساس الولاءات الضيقة، لا يزيد الأمور إلا تعقيدًا وتأخرًا.

     وإنّا في دول الإقـليم خير مثل، فعندما سمحوا للكفاءات بإدارة مؤسساتهم، شهدنا بأم أعيننا النتائج المبهرة والتطور الحاصل في شتى مناحي الحياة لديهم، من البنية التحتية إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى التكنولوجيا، حتى غدت هذه الدول نماذج يُحتذى بها في التخطيط والتنفيذ.

     كـم من شخصية مؤهـلة تم تهميشها بسبب المحسوبية والولاءات الضيقة، وكم من شخصية أكاديمية تم الاستغناء عن عطائها بسبب العنصرية المقيتة، وكم وكم من طاقات أُهدرت لا لشـيء إلا لأن معايير الاختيار ابتعدت عن الكفاءة واقتربت من حسابات لا تخدم الوطن.

     إن مـعركة التغيير الحقيقية ليست في صياغة الخطط والبرامج بقدر ما هي في اختيار العقول القادرة على تنفيذها.

وعـليه؛

     فـإن الإصلاح الإداري يجب أن يبدأ من رأس الهرم إلى قاعدته، حتى يجد المواطن أثر ذلك في خدماته، واقتصاده، وحياته اليومية.

     (فـالنهضة ليست حلمًا بعـيدًا، بل قـرارًا شـجاعًا ينتظر مـن يتخذه).

د. هـاني بن محمد القاسمي

عـدن: 15. أغسطس. 2025م

.