في قضية سجين الرأي الصحفي محمد المياحي: محاكمة باطلة أمام قضاء استثنائي ؟!
الأصل في المحاكمة الجنائية أن يُحاكم الإنسان أمام قاضيه الطبيعي، ضمن محاكمة عادلة تضمن له الحق الكامل في الدفاع عن نفسه، والنظر في التهم المنسوبة إليه ضمن مهل زمنية معقولة، ووفقًا لإجراءات قانونية دستورية.
لكن ما جرى في قضية الصحفي سجين الرأي الأستاذ محمد المياحي، يكشف عن انتهاك فاضح لكل الضمانات الدستورية والقانونية، إذ لم يُحاكم أمام قاضيه الطبيعي، بل أُحيل إلى محكمة استثنائية غير دستورية تُدار منذ نشأتها حتى اليوم من قبل جهاز المخابرات، في انتهاك صريح لمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية.
وبالتالي، فإن هذه المحاكمة وما ترتب عليها تُعد باطلة ومنعدمة قانونًا.
لم تُكفل للمياحي أدنى ضمانات المحاكمة العادلة، فقد عُقدت جلستان فقط للنظر في القضية، وتحددت الجلسة الثالثة بعد يومين فقط من الثانية، ليصدر الحكم المدبر ليلًا عبر الهاتف، دون استيفاء الحد الأدنى من شروط التقاضي السليم، في خرق فاضح لأبسط معايير العدالة.
أما الفقرة الثانية من الحكم، فهي تمثل ذروة العبث والاستهتار بالقانون والمنطق القضائي، حيث نصّت على إلزام المياحي بتقديم تعهد وضمان مستقبلي بمبلغ خمسة ملايين ريال كشرط لعدم الكتابة مستقبلًا!
وهذا ما لم تسبق إليه أي قريحة قضائية في تاريخ القضاء اليمني. فكيف يُعاقب المرء على نية مفترضة في المستقبل؟! وأين هذا من مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات؟
ما جرى للصحفي محمد المياحي لا يُعد محاكمة، بل عملية قمع ممنهجة تستهدف الكلمة الحرة والرأي الحر، وهو ما يقتضي وقوف كل الأحرار والحقوقيين والوطنيين في وجه هذا الانحدار السافر في استخدام القضاء كأداة للقمع السياسي.