الموت بثمن الولاية: تجنيد قسري على طريقة الكهنوت....
في العام الخامس والعشرين بعد الألفين، وفي زمن يُفترض أنه عصر "الحرية والكرامة والإنترنت"، يخرج علينا ازلام السُلالة الهشهشية بـ"إنجاز تاريخي جديد": تجنيد قسري إجباري لكل من بلغ الثامنة عشرة، وكأن بلوغ الرشد لم يعد دلالة على الاستقلال العقلي بل تأشيرة عبور إلى محرقة بُنيت على فقه "الحق الإلهي في ذبح الآخرين".
والشاهد اننا لا نتحدث هنا عن دولة بل عن كيان طفيلي يرتدي عباءة الدين ليخفي عجزه الأخلاقي. مليشيا تحمل القرآن في يد، والكلاشنيكوف في الأخرى، وتستبدل الشهادة الجامعية بـ"دورة ثقافية" في كيف تكون عبدا مطيعا لسيدك الذي نزل من كوكب الولاية المقدسة!
تخيل أن تستيقظ وأنت في عمر الزهور، لتجد أن حظك العاثر قد وضعك في منطقة تسيطر عليها عصابة ترى أن الحياة تبدأ حين تنتهي إرادتك، وأن الوطن مجرد خندق، والمستقبل صرخة في مقبرة جماعية.
بمعنى أدق أهلاً بك في جمهورية الموت المقدس.
لكن الساخر في المأساة أن الجماعة التي تفرض عليك القتال من أجل "الكرامة والسيادة" هي ذاتها التي باعت السيادة لإيران على طبق من "بركات آل البيت". الجماعة التي تكره الجمهورية كراهيةً فطرية، وتُعيد صياغة المجتمع اليمني ليكون قطيعاً في مزرعة الفقيه الولي.
ثم هل هناك خيانة أعظم من أن تُجبر شباب الأمة اليمنية على حمل السلاح لا لحماية الوطن، بل لحماية وهم تاريخي؟ يُقتادون كالقطعان إلى الجبهات، لا لأن الوطن في خطر، بل لأن "السيد" بحاجة إلى انتصار دعائي جديد يقدمه لإيران وأذيالها، وليكتمل العرض: تبث قناة المسيرة فيديوهات الشهداء المساكين وكأنهم ذهبوا طوعا وهم يبتسمون!
ثم أليس من المفارقة أن يتحول عيد ميلادك الثامن عشر من احتفال بالحرية، إلى موعد مع "الحوثنة" الإجبارية؟ أليست الولاية هنا مجرد نظام عبودية حديث متقن؟ عبودية لا تحتاج إلى سلاسل حديدية بل إلى شحن ثقافي مكثف ونشرة أخبار ملونة بالدم والدموع.
على إن من يُجبرك على القتال لا يراك إنسانا بل ذخيرة. ومن يُقنعك أن الموت في سبيله جهاد، يخطط لحياة طويلة ناعمة لأولاده في ضواحي صنعاء… أو ربما في الضاحية الجنوبية لبيروت.
دعونا نقولها بوضوح: كل إجبار على القتال جريمة، وكل ولاية تُنتج العبودية خيانة للوطن والإنسان.