ملامح جديدة لسياسة ايران الخارجية

بعد مضي ما يقارب الشهر على نهاية حرب ال١٢ يوما ، توصل صانع القرار الايراني الى قناعة استراتجية مفادها ان احتمالات التعرض لضربة امريكية اسرائلية جديدة اكبر من فرص التوصل الى اتفاق نووي مرضي مع واشنطن . لذا تعيد ايران تصميم سياساتها الخارجية بحيث تركز على ترميم "الردع الفعّال" دون المراهنة على عروض التفاوض الترامبية.

وخلال اليومين الماضيين اتضحت بجلاء ملامح السياسة الخارجية الايرانية لمرحلة ما بعد الحرب ، والتي تقوم على ٤ محاور:

١- تنشيط الوكلاء ، والتمسك باستراتجية الدفاع المتقدم. وهو ما تجلى منذ نهاية يونيو حيث رفع حزب الله من نبرته التصعيدية متمسكا بسلاحه ، وعاود الحوثي عملياته ضد الملاحة ، و استؤنفت الهجمات المجهولة في العراق التي زارها قاآني مرتين منذ نهاية الحرب.

٢- الاستدارة شرقا لتعويض الردع التقليدي و خسائر البرنامج النووي. وليس مصادفة ان تصريح عراقجي امس حول صعوبة المفاوضات - والذي حمل نبرة تصعيدية غير مسبوقة- قد جاء من بكين.

كما انه ليس مصادفة ان حديث لارجاني عن ضرورة التمهل في المفاوضات جاء قبل يوم من زيارته لموسكو ولقاءه الاستثنائي مع بوتن للتباحث حول الشؤون الاقليمية و النووية.

وقد رشحت انباء بان موسكو اوعزت لكوريا الشمالية بتزويد ايران بمنصات صواريخ ، كما رشحت انباء عن تزويد الصين لايران بدفاعات جوية و رغم نفي هذه الانباء الا ان اعلان قائد الجيش اليوم عن استكمال ترميم الدفاعات الجوية التي دمرت من جراء القصف الاسرائيلي تثير علامات تعجب!

3- التخلي عن سياسة فصل الملفات ، وربط التصعيد في البحر الاحمر العراق هرمز ولبنان بالملف النووي وبخيار الحرب.

4- تحييد حلفاء واشنطن ، اذ ستركز ايران على مواصلة مصالحتها مع العرب ، و قد تنفتح على اوروبا لتحيدها عن ترامب. 

في ضوء هذه السياسة الخارجية التي تمزج بين الصبر والغموض ، والتي تستعد للمواجهة اكثر مما تنفتح على الحوار ؛ فان الحوثي سيكون رأس الحربة ضمن طموحات "الريمنتادا الايرانية".

وعليه فقد يقدم الحوثيون خلال الايام القادمة على عمليات تصعيدية محسوبة يقابلها تصعيد كلامي من قبل الديبلوماسية الدولية والاعلام الغربي . وكل ذلك ياتي كجزء من لعبة عض الاصابع بين واشنطن وطهران.

اما الاستجابة العملياتية من قبل امريكا او الغرب في الساحة اليمنية؛ فسوف تتحدد بناء على نمط العمليات الحوثية المحتملة في البحر، هل ستكون عرضية رمزية ام ستكون مؤذية و دائمة؟

كما انها سوف تتحد بناء على المحصلة النهائية للعبة عض الاصابع بين ايران و امريكا ، هل ستقود الى صفقة او تصعيد؟

و في حال استمرار تصعيد ايران الاقليمي و تعنتها التفاوضي ، فان رد الادارة الامريكية عسكريا سيكون في حكم المؤكد ، و سوف يقف ترامب امام خيارين: اما توجيه ضربة اخرى الى راس الاخطبوط ، سوف يقابلها رد ايراني اوسع ، خصوصا ان واشنطن وتل ابيب قد خسرتا عنصر المفاجأة.

واما التركيز على قطع الاذرع في موجة التصعيد الثانية ، و الاستفراد بايران تاليا ، وهنا ستكون الساحات المرشحة للتصعيد هي اليمن والعراق.