عائشة بنت الصديق: عبقرية الإسلام وعظيمة التاريخ...


عائشة بنت الصديق: عبقرية الإسلام وعظيمة التاريخ..
من وحي مسلسل معاوية ..

عائشة بنت أبي بكر، أم المؤمنين، وأقرب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم،  واحدة من أعظم النساء في التاريخ الإسلامي العربي، بل وفي التاريخ البشري كله.
نعم ، كانت سيدة العقل والعلم، صاحبة البصيرة الحادة، والموقف الحازم، التي تركت بصمتها العميقة على مسيرة الأمة الإسلامية العربية في أدق وأخطر اللحظات.

من هنا ليس غريبا أن يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"، فقد كانت بحرا زاخرا بالعلم، تنقل عن رسول الله ما لم ينقله غيرها، وتشكل امتدادا من النبوة إلى الأجيال التالية.
من هنا كذلك فإن رواياتها للحديث النبوي لم تقتصر على الحفظ والتبليغ فحسب، بل كانت تفسر، وتحلل، وتشرح، وتضع القواعد الفقهية التي أضاءت الطريق أمام الأمة الإسلامية قرونا متعاقبة.
والشاهد أن لم تكن عائشة رضي الله عنها مجرد امرأة تعيش في ظلال السلطة، بل كانت شخصية فاعلة تتخذ مواقفها عن قناعة وإيمان.
 ومن أبرز مواقفها التاريخية موقفها من دم عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث كانت صوتا صارخا في وجه الظلم والفوضى، تدعو للقصاص من قتلته، وترى أن الحفاظ على وحدة الأمة لا يكون بالتسامح مع جريمة اغتيال خليفة المسلمين. 
كذلك لم تتراجع رغم ضخامة الفتنة، ولم تصمت رغم أن كثيرين صمتوا، بل رفعت راية المطالبة بالعدالة، في زمن ساد فيه الاضطراب وساد فيه الغدر.
طبعا منذ فجر الإسلام، وقوى البغي تحاول تشويه رموزه العظام، ولم تسلم عائشة رضي الله عنها من ذلك. فالهجوم الفارسي الذي لا يزال يستهدفها ليس إلا امتدادا لحقد دفين على الإسلام ورموزه، خصوصا أولئك الذين كانوا سدا منيعا أمام محاولات اختراق الأمة وتمزيقها.
و لقد أدرك الفرس منذ القدم أن عائشة ليست مجرد زوجة للنبي، بل رمزٌ للعقل والشرعية، فحاولوا إسقاط مكانتها بالسب والتشويه، لكن التاريخ أبى إلا أن يحفظ عظمتها ويخلد ذكراها.
والحال لم تكن عائشة رضي الله عنها مجرد ناقلة للحديث، بل كانت مجتهدة، فقيهة، تفهم النصوص وتستنبط منها الأحكام، وتعارض من يخالف الفقه الصحيح، حتى وإن كان من كبار الصحابة. 
بل كانت لديها قدرة فريدة على تحليل الأمور السياسية، ومعرفة المصالح والمفاسد، واتخاذ المواقف بناء على المصلحة العامة للأمة الإسلامية.

والحق أقول لكم كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إن الصحابة كانوا يسألون النبي عن أحب الناس إليه فيقول: "عائشة". 
وكان يبيت عندها في آخر أيام حياته، ويموت في حجرها، ويختار أن يدفن في حجرتها، في إشارة لا تخفى إلى مدى خصوصيتها ومكانتها في قلب الإسلام كله، وليس فقط في قلب رسول الله.

من هنا فإن الأمة الإسلامية لا تزال حتى اليوم تستضيء بأقوالها وأحاديثها، وتنهل من علمها الذي لم ينقطع. إذ كانت مثالا للمرأة العالمة، الشجاعة، الحكيمة، وصوتا لا يهادن في الحق. بل إن محاولة تشويه صورتها لن تزيدها إلا رفعة، ولن تزيد الأمة إلا وعيا بأعدائها.

رحم الله أم المؤمنين عائشة، ورضي عنها، وجزاها عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، فقد كانت ولا تزال كمنارات مجد لا تنطفئ.