عن قيادتنا التي أضنتها الأسفار
لم ينس رئيسنا العائد توّا من أوروبا، حيث استقر بعد مشاركته في قمة ميونخ للأمن، أن يخبرنا في خطاب رمضان، الذي ألقاه عنه وزير الأوقاف، باستعداداته لسفر جديد إلى إفريقيا، حيث سيشارك في القمة العربية الطارئة في القاهرة .
وحتى يوم أمس، كانت المعلومات الواردة تفيد بأن الرئيس، الذي عاد من ميونخ إلى مقر إقامته الدائم في الرياض، سيسافر إلى القاهرة بعد استراحة "ترانزيت" في العاصمة المؤقتة عدن، لكن ولظروف غير معلومة وربما لأن عدن وجهة غير مهمة، قرر إلغاء هذه المحطة، واكتفى بإرسال "شريط" مسجل مع "منصور سعيد، مروّح البلد"، هنأ الشعب فيه بالمناسبة، وطمأنه أن حقائبه المتعبة جاهزة وجواز سفره في يده، وهو من سفر مضنٍ إلى سفر أضنى.. من أجل راحة الشعب.
هكذا يواصل رئيسنا جولاته المكوكية التي تفوق في زخمها حتى جداول الدبلوماسيين الدوليين. وبينما يُنهك المواطنون تحت وطأة الأزمات، يبدو أن رئيسهم هو الأكثر معاناة… من تعب السفر!.
وعلى ذكر القمة الطارئة فلابد من الإشارة إلى أن القضايا الطارئة هنا حيث يعيش المتعبون في الداخل، وما يعانوه من انهيار اقتصادي وأزمات معيشية وأمنية، هي قضايا بالإمكان إدارتها عن بعد، أو يمكنها انتظار عودة خاطفة لقادتنا الذين أصبح وجودهم في الداخل حدثًا نادرًا.
ولو جرَدنا جدول أعمال الرئيس ومجلس القيادة الرئاسي بكل أعضائه منذ التأسيس والحديث الأول عن عودتهم إلى الداخل لإدارة شؤون البلاد، سنجد أنهم قضوا معظم وقتهم في الرياض، مع جولات دورية إلى عواصم العالم، بينما تبقى عدن مجرد محطة ترانزيت، يمر بها أحدهم سريعًا لالتقاط بعض الصور الرسمية قبل أن يغادر مجددًا.
يبدو أن مجلس القيادة ولا سيما رئيسنا، تعب حقًا… ليس من أعباء الحكم أو التفكير في حلول لمشاكل المواطنين، بل من تعب السفر الطويل وحقائبه! وفق ما يوحي به شطر البيت الشعري الشهير "تعبت من السفر الطويل حقائبي"، والذي يصلح شعارًا لمرحلة سياسية تُدار بالحقيبة الدبلوماسية.
وبينما يواصل مجلس قيادتنا التنقل بين العواصم، يواصل المواطنون رحلتهم المضنية مع الفقر والجوع وانعدام الخدمات، لكنهم – على عكس قيادتنا الرشيدة – لا يملكون خيار شراء تذكرة ذهاب بلا عودة.