أحمد عبيد بن دغر المثقف الذي وضع نفسه في خدمة السلطة
ما سأكتبه هنا لا يعني شخص الدكتور أحمد عبيد بن دغر، بقدر ما يعني رئيس مجلس الشورى، فالدكتور أحمد مثقف ورجل وحدوي من خارج السلطة، لكنه من داخل السلطة يجاري الأحداث والوقائع التي ينتقدها من خارجها .
كتب الدكتور أحمد في ٢ ديسمبر ٢٠٢١ قائلا: لا توجد قضية أهم من اليمن، فهي الأصل، وقد قلنا وأعدنا القول، إن الشرعية هي شرعية اليمن، إذا سقط اليمن في مخطط التقسيم، فإن الشرعية ستزول بزوال الأصل، ولا توجد خيارات أمام الشرعية سوى الدفاع عن اليمن .
وذهب إلى أن الإنقاذ الوطني مطلب سيتسع بنا أو بغيرنا، وهو فعل قادم من جوف معاناة الشعب اليمني، وحاول أن يقترب من هذه الفكرة في البيان الذي أصدره بمعية عبد العزيز جباري، والذي قالا فيه، إننا أمام وضع لم تتمكن المؤسسات الدستورية من صده ومعالجة آثاره، مؤسسات هي الأخرى أوقفت عن العمل، إلا من شكليات، وكان يقصد مجلس الشورى والنواب، إلا أنه تخلى بعد ذلك عن شريكه في البيان وذهب للتمسك بتلك الشكلية التي شكى منها .
فلو عذرنا مجموع السذاج الذين يتصارعون على سلطة الشرعية المتحكم بها من قبل السعودية والإمارات وعذرنا جهلهم وعصبيتهم الحزبية والمناطقية، فكيف نعذر مثقفا مثل بن دغر وهو الذي يعرف أن الجيش الذي تقاتل به الشرعية، يقاتل بالحد الأدنى من الإمكانيات وموارد البلد مصادرة أو مجمدة، والقرار السياسي مختطف .
وحينما نأخذ على بن دغر، فإنما نأخذ عليه بوصفه مثقفا يمارس السلطة، والمثقف يوجه نقده إلى الممارسات الخاطئة ولا يتشبث بالسلطة، وهنا تكمن القيمة الحقيقية للمثقف في مواقفه المبدئية والأخلاقية التي يقفها تجاه مصير وطنه، لأن المثقف في النهاية لابد أن يعبر عن ضمير الناس ولا يستكين للواقع بعيوبه ومفاسده ومغرياته بل يعمل على تغييره .
وهنا أدعو الدكتور أحمد لأن يلتحق بالتيار الوطني الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الإعلان، فتحايل عليه آنذاك بالبيان الثنائي الذي صمد فيه جباري وتخلى عنه الدكتور أحمد، وإصراري على دعوته باعتبار أن مهمة المثقف هي إيقاظ الناس وليس إنامتهم ومهمته أن يلسع لا أن يخدر .
ولست بحاجة إلى تذكيره بأن الخطر لا يكمن في الحوثي فحسب، بل يكمن أيضا في ترويج أن التحالف جاء ليحرر اليمن ويستعيد الشرعية، والأخطر من كل هذا وذاك أن يدافع البعض على ممارسات التحالف ويتخاذل البعض الآخر عن هدر السيادة الوطنية وتجريف الهوية والتعددية السياسية والاقتصاد الوطني .
إن خيانة المثقف من موقعه في السلطة هي خيانة للشعب والوطن، وصمته ساعد على تعفن الثقافة والإعلام والتعليم والقضاء داخل الشرعية، فكيف يهتم واحد بقامة الدكتور أحمد بن دغر بسلطة معطلة ووزارة الإعلام والثقافة والسياحة بيد جاهل وعلى رأي علي شريعتي: عندما يحترق بيتك، فإن من يدعوك للصلاة فهو خائن، وأي عمل غير إطفاء الحريق فهو خيانة، وبما أنك تعلم مجريات السلام الكاذب، فإن الاتجاه نحو الجبهة الوطنية هو الأنسب، لصياغة السلام اليمني الذي يريده اليمنيون وليس السلام الذي تريده دول التحالف والأطراف المتحاربة ومن ورائهم أمريكا .