رامز الشارحي: الثائر والمثقف الذي حمل راية التصحيح في الحزب الاشتراكي اليمني
هو الشاب الثائر والمثقف الذي يثير النقاشات الجادة على منصات التواصل الاجتماعي، كما أنه ليس مجرد ناشط إلكتروني يتابع تيارات الرأي العام فقط، وإنما هو شخص تميز بطرح القضايا العامة بروح تحليلية وثاقبة، متهربا من أسلوب الجموع في استهلاك الأخبار، ومستعينا بمعرفته العميقة واهتمامه بالقضايا التي تمس المجتمع بشكل حقيقي.
والحال أن رامز الشارحي بالنسبة لي بمثابة نموذج فريد لمناضل اشتراكي شاب جمع بين الثقافة العميقة والشجاعة الثورية، فكان من أبرز الوجوه التي حملت راية التصحيح في الحزب الاشتراكي اليمني في تعز.
كان رامز، الذي تخرج في كلية الطب جامعة الحديدة عام 2010، يعتقد أن له رسالة أكبر من مجرد الممارسة الطبية. ورغم أنه تخرج في قسم المختبرات، إلا أنه لم يمارس هذا التخصص أبدا، بل اختار الطريق الذي يراه أكثر أهمية: الثورة والقضايا العامة.
بل كان رامز الشارحي من الشباب الذين شاركوا منذ اللحظات الأولى في ثورة فبراير عام 2011، ولم يتوقف عن متابعة الأحداث ورفع صوت الحقيقة والنقد على مدار السنوات الأخيرة.
ومع أن رامز يمتلك الخلفية الأكاديمية التي تمكنه من العمل في مجال الطب، فإنه استمر في الانشغال بالقضايا السياسية والاجتماعية التي أمل أن تسهم في تغيير الواقع، ورفض أن يكون مجرد متفرج على ما يحدث.
وتذكيرا فخلال السنوات التي تلت اندلاع الثورة، تعرض رامز لعدة تحديات، أبرزها إصابته في 2015 جراء طلق ناري من قناص حوثي أثناء عمله مع منظمة إنسانية.
ولقد شكلت هذه الحادثة نقطة تحول في حياته، فيما بدأ يتعامل بشكل أكثر وعيا مع قضايا الحرب ومعاناة الجرحى. وتدريجيا، أصبح ملف جرحى الحرب، بما يتضمنه من معاناة وآلام، يشغل حيزا كبيرا من اهتماماته. لكن الأروع والأخطر من ذلك، كان اهتمامه بكشف الممارسات المشبوهة داخل بعض المؤسسات الحكومية.
إحدى القضايا التي أثارها رامز بدأب ومثابرة كانت تتعلق بالفساد والتهريب الذي تمارسه بعض القيادات العسكرية التابعة للحكومة الشرعية.
لكن على الرغم من كل هذه المحطات، يبرز تناقض رامز في مواقفه بين مؤيد للجيش في بعض الأحيان، ورافض لبعض تصرفات القيادات العسكرية.
ففي مارس 2024، عندما تجددت المعارك على جبهات تعز، اختار رامز أن يدعم الجيش، لكن ليس من منطلق تأييده الكامل للقيادات العسكرية، بل من منطلق دفاعه عن "استعادة الدولة والجمهورية" التي قام الحوثيون بالانقلاب عليها.
وفي هذا الموقف، اتخذ رامز موقفا مبدئيا، إذ دعم جيش الحكومة الشرعية في معركته ضد الحوثيين، لكنه في الوقت نفسه كان يواجه ضغوطا من مختلف الأطراف، بما في ذلك من قادة الجيش نفسه.
ثم بعد توقف المعارك، تبنى رامز ومجموعة من الناشطين حملة لمناهضة الفساد داخل السلكين المدني والعسكري.
وطبعا فبالرغم من تناقضات مواقفه الظاهرة، كان رامز يظل ملتزما بمواقفه المبدئية التي تتسق مع ثورة فبراير 2011 ضد الفساد والممارسات التعسفية.
ولذلك عُرف رامز الشارحي بين أقرانه بصلابته في المواقف وقوة إيمانه بمبادئه.
فلم يكتفِ بالكلمات، بل ظل في المقدمة، يشارك في المسيرات الجماهيرية والطلابية ضد الانقلاب الح.وثي في صنعاء وتعز، ويواجه بكل شجاعة غطرسة الميليشيات المدعومة من طهران.
بل في كل معركة، كان رامز مثالا للثائر الذي لا يهاب المصاعب.
ورغم إصابته برصاص قناص حوثي في معبر الدحي، حيث تنقل بين المستشفيات داخل اليمن وخارجها، في مصر والهند إلا أن عزيمته لم تفتر ولم تتراجع. بل، عاد إلى الميدان مجدداً، ليواصل نضاله في جبهة القوز ضد المليشيات الحو.ثية.
وهكذا: إنه لا يختار أن يكون في الخلف، ولا يرى نفسه في الوزارات أو السفارات التي تسعى للاستفادة من الأزمات. بل ظل يختار أن يكون في الميدان، بين أبناء الشعب، يواجه العدو في وجهه. فتلك هي القوة الحقيقية التي تنبع من الفهم العميق لمسؤولياته التاريخية تجاه شعبه ووطنه.
اتحدث عن رامز الشارحي باجلال بلاشك رغم أنه من أبناء جيلي ولطالما اختلفنا حول وجهات نظر.
لكن رامز الشارحي صاحب شعار " هنا تعز ، لاسيد إلا الشعب" ليس فقط محاربا كان في الجبهات العسكرية؛ فهو أيضا مناضل ثقافي وفكري.
نعم، مثقف على درجة عالية من الوعي السياسي، ويمتلك قدرة نادرة على الدمج بين الفعل الثوري والتأمل النقدي.
وبطبيعة الحال فإنه يؤمن بأن الثقافة هي السلاح القوي الذي لا يقل أهمية عن السلاح العسكري.
ففي كل بيان كان يكتبه وفي كل موقف كان يطرحه، ظل يعكس رؤيته المستقبلية لليمن، باعتبار أن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية هما ركيزتا بناء الدولة الحديثة.
على أن ما يميز الشارحي عن غيره من المناضلين الشباب داخل الحزب الإشتراكي اليمني في تعز هو قدرته على تجسيد الديالكتيك الثقافي، الذي يوازن بين النظرية والعمل، وبين المبدأ والواقع.
فهو يرى أن التغيير لا يتم فقط بالتظاهرات، بل من خلال بناء الوعي، وإحياء القيم الإنسانية التي تحد من الانقسامات الطائفية والمناطقية التي زرعتها قوى الفساد والاستغلال.
كذلك يبدو أن الشارحي في خضم التحديات الراهنة التي تمر بها اليمن، قد تمسك بأعلى القيم الوطنية، رافضا المشاريع الصغيرة التي تهدف إلى تقسيم البلاد. بل هو من النوع الذي يواجه كل محاولة للنيل من وحدة الشعب اليمني.
بل في ظل الصراعات الحالية، استمر يدعو إلى العودة إلى المرجعيات الوطنية التوافقية، رافضا الحلول الجزئية التي تهدف إلى تعزيز الانقسامات، مؤكداً في الوقت نفسه على أن اليمن لن ينهض إلا عندما تتضافر الجهود لبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة.
وهكذا ظل الرفيق رامز الشارحي يعتقد أن بناء اليمن هو مهمة جماعية تتطلب تكاتف القوى المدنية والديمقراطية، وتحقيق الوحدة التي تبدأ من تصحيح الهويات الفردية وصولاً إلى الهوية الوطنية المشتركة.
بل على عكس كثيرين، لم يتورط الشارحي في التقسيمات السياسية الضيقة، فهو مع الدعوة إلى حوار وطني شامل بين قوى الشمال اليمني والجنوب اليمني يستند إلى مبادئ العدالة والمساواة والشراكة الوطنية.
وعموما فرغم جميع الظروف والآلام التي مر بها، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، ظل رامز الشارحي عنوانا للنضال التعزي المستمر، فيما جعل من معركته مع الحوثيين وحلفائهم وسيلة لإعادة إشعال الحلم التحرري في نفوس أبناء المدينة.
لكن صدقوني، أن الرفيق رامز الشارحي ليس مجرد اسم عابر في صفحات تاريخ الحزب الإشتراكي اليمني في تعز، بل هو أيقونة حية لم تستسلم لليأس، كما صمدت أمام الرياح العاتية التي عصفت بالبلاد.
فلقد دفع رامز ثمنا باهظا لهذه المواقف، بل تعرض للعديد من المصاعب الجسدية والنفسية. والآن، يعاني من مشكلات صحية في القلب، " قلبه الذي ينبض ببطارية" ماجعل أصدقائه وأفراد مجتمعه يبذلون جهدا لتوفير العلاج اللازم له.
والشاهد أنه في وقت كان يفترض أن يكون فيه محاطا بالتقدير والاحترام نتيجة مواقفه الشجاعة، يجد نفسه اليوم بحاجة إلى الدعم العاجل.
وفي الحقيقة أرى أن رامز الشارحي من انضج شباب الحزب الإشتراكي اليمني في تعز ومن خلال نقاشتنا ذات يوم حين جاء إلى القاهرة للعلاج تيقنت أن همه تشكيل كتلة تاريخية ذات أهمية لبناء تفاهمات سياسية وقانونية واضحة لمسار الشراكة السياسية الديمقراطية التوافقية، تنتصر لمبدأ الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة وتشيد مؤسساتها.
كذلك فإنه يشدد على استقلالية القرار الوطني والسيادي، وانتهاج علاقات خارجية قائمة على أساس من الندية بعيدا عن الارتهان والارتزاق.
و فيما يتعلق بالخط السياسي العام للحزب والآليات النضالية، يطرح رامز الشارحي اراءه بشفافية وقوة بالذات في أهمية العمل على تصحيح الاختلالات، وتصويب المسار التشاركي في مؤسسة الدولة.
بل على الرغم من أنه يتمتع بشخصية خجولة ويصعب عليه التعبير عن نفسه بسهولة، إلا أن رامز يمتلك عمقا فكريا يجعل حديثه مليئا بالمحتوى.
فهو ليس ممن يسايرون المزاج العام على منصات التواصل الاجتماعي أو يبحثون عن المتابعة من خلال إثارة القضايا السطحية. بل هو شخص يدرس الأمور بتمعن ويحاول أن يقدم إجابات شافية عن الأسئلة الصعبة التي يطرحها الواقع السياسي والإجتماعي.
وهكذا فإن رامز الشارحي هو النموذج الحي للمواطن الذي لا يتردد في اتخاذ المواقف الصحيحة رغم كل شيئ.
بل هو الشخص الذي يتنقل بين "التناقضات الظاهرة بشكل منسجم'، ويستمر في مواجهة الواقع بحكمة وصبر.
هذا الشاب الذي يعاني الآن من مشكلات صحية كان دائما في طليعة المناضلين من أجل قيم الحرية والعدالة، وعلى الرغم من آلامه الحالية، فإن مواقفه ستظل تلهم العديد من الشباب الذين يسعون لتغيير واقعهم بشجاعة وثبات.
بل مع استمرار المعركة، سيكون رامز الشارحي أحد الوجوه البارزة في المسيرة النضالية للجيل الجديد في تعز ، الوجه الذي لن يستسلم مهما كانت الاغراءات.
وبمعنى أدق فإن مواقفه التي قد تبدو متناقضة بالنسبة للبعض هي في الواقع امتداد لفكر ثوري نزيه يهدف إلى كشف الحقيقة مهما كانت قاسية، دون تردد أو حسابات.