الأكل بالشعارات

لست نباتياً و لا من أكلة اللحوم و لا من مصاصي الدماء. انا كائن غريب. منذ ولدتني أمي ارضعتني مع حليبها شعارات و أغان، و بعد فطامي صارت الشعارات و الأغاني وجباتي المفضلة. 

في طفولتي وجباتي الثلاث: شعار (برع برع يا إستعمار) و يمكن إضافة بعض البهارات بنكهة الشعارات ك(أنا قومي بن قومي شف كل الشعب قومية) و سَلَطات تسمى: (إذا خرج الإنجليز با نأكل العنب من الطاقة). وجبات تشبعني استغني بها عن أكلات بني آدم.

في مراهقتي أهتمت أمي بإطعامي أكثر. كانت الوجبات تتنوع، وجبة (بالأحضان يا قحطان)، و وجبة (والله بلدنا نورت)، و وجبة (بلاد العرب أوطاني).

ثم تحسنت الوجبات بعد قحطان فكانت الشعارات ادسم فنأكل وجبة (سالم ربيع معلمنا و نحن صواريخ يمانية)، و وجبة (لا نبى وحدة مع حكم رجعي)، و وجبة (تخفيض الرواتب واجب)، و وجبة (تحريق الشيذر واجب)، و وجبة (يا ويل اللي با يعادينا)، و وجبة (سالمين نحن اشبالك و افكارك لنا مصباح). بصدق في هذه السن شبعت من الشعارات و كلما قلت يكفي شبعت، تكرمني أمي اكثر.

أما في شبابي فكانت الوجبات الذ و أشهى. فكانت الوجبات تناسب عطاء و قدرات الشباب كشعار (يا شباب العالم ثوروا يا عمال يا فلاحين و اهزموا بالعنف الثوري كل الإمبرياليين)، هذا الشعار لوحده كان يغنيني عن الأكل ثلاثة ايام. 

هذه نماذج فقط أما أسوأ مرحلة من عمري جعت فيها و كنت آكل وجبة واحدة فيها هي المرحلة التي كنت آكل فيها وجبة إسمها (ما لها الا علي).

اما الأسوأ و هي هذه الوجبات التي آكلها في كهولتي لا طعم لها و لا رائحة كوجبة (سبعة سبعة آخر يوم لا دحباشي بعد اليوم)، و وجبة (الجنوب غادم)، و وجبة (خلوا عندكم عزيمة). 

اثبت العلم ان الأكل بالشعارات يريح البال و يهدئ الأعصاب و يخدر العقول و تعطيك قوة على خوض حروب لا تعرف من أشعلها و لا من أنتصر فيها.