لا للـفـسـاد ؛؛؛
في الآونةالأخيرة؛ كثر الحديث عن أهمية مكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين.
مكافحة الفساد؛ تُعتبر من القضايا الحيوية لضمان استقرار المجتمعات وتنميتها، حيث يُعد الفساد عائقًا أمام التقدم الإقتصادي والإجتماعي، ويؤثر سلبًا على ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية والخاصة.
فالفساد يُعرف على أنهُ: "إساءة إستخدام السلطة أو الموارد العامة، لتحقيق مكاسب شخصية أو جماعية"، كما يُعرف على أنه : "أي تصرف غير قانوني أو غير أخلاقي من قبل موظف عام أو شخص في منصب السلطة، بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو لمصلحة طرف آخر". ويشمل ذلك أفعالًا مثل الرشوة، الاختلاس، المحسوبية، التلاعب بالمناقصات، الثراء غير المشروع، استغلال النفوذ، الابتزاز، وتزوير الوثائق وغيرها.
أن مثل هذه الأفعال، تشكل في معظم الدول وفقًا للقوانين الخاصة بمكافحة الفساد، جريمة يعاقب عليها القانون، حيث تهدف تلك القوانين إلى حماية الأموال العامة وضمان شفافية ونزاهة المؤسسات الحكومية.
كما أن للفساد أشكال مختلفة، كـ"الفساد السياسي"، الذي يتضمن تلاعب المسؤولين في القوانين والسياسات لصالحهم. و "الفساد الإداري"، الذي يشمل الرشاوى والمحسوبية في التعيينات والترقيات. و "الفساد المالي"، الذي يتضمن اختلاس الأموال العامة والتلاعب في الميزانيات.
الفساد؛ يُعدّ من أبرز المعوّقات التي تواجه التنمية في أي دولة، حيث يؤثّر سلبًا على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. فهو يؤثر على الإقتصاد في الدولة، وهدر الموارد العامة فيها، ويكون هذا من خلال سوء توزيع الموارد، حيث تُوجه الأموال العامة إلى مشاريع غير ذات أولوية أو غير فعّالة بسبب المحسوبية أو الرشاوى.
كما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات في البلاد، ويُقلّل من جاذبية البيئة الإستثمارية فيه؛ حيث يبتعد المستثمرون المحليون والأجانب عن الدول التي ينتشر فيها الفساد، بسبب عدم الشفافية وزيادة التكاليف غير الرسمية والمبرره، وهذا يؤدي في طبيعة الحال، إلى ضعف النمو الاقتصادي، ويعيق نمو وتعدد الموارد الاقتصادية فيها.
فالفساد يؤثر على التنمية الإجتماعية؛ ويؤدي إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة، كما يؤدي إلى تركيز الثروة في أيدي فئة قليلة من الناس في المجتمع المحلي، مما يعمّق معهُ الفجوة بين الطبقات الإجتماعية ويزيد من معدلات الفقر فيها.
كما يؤثّر الفساد سلبًا على جودة الخدمات العامة؛ مثل التعليم والصحة، حيث يتم تحويل الموارد المخصصة لهذه الخدمات إلى جيوب الفاسدين، وإنتشار الفساد في المؤسسات العامة؛ وهذا يؤدي إلى فقدان المواطنين الثقة في المؤسسات الحكومية، ويُضعف التماسك الإجتماعي ويُعيق المشاركة الفعّالة في التنمية.
كما يؤدّي الفساد إلى تآكل سيادة القانون؛ حيث يتم التلاعب بالقوانين واللوائح لصالح الفاسدين، فيُضعف معه العدالة والنزاهة، ويعيق من جانب آخر، تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة مثل الشفافية والمساءلة والمشاركة، ويُقلّل من فعالية الإدارة العامة.
الفساد يُعزّز بشكل كبير؛ من ظاهرة المحسوبية، حيث يتم تعيين الأفراد أو توجيه المشاريع بناءً على العلاقات، لا على الأهمية والكفاءات المناسبة.
الفساد؛ يؤدي إلى زيادة الجريمة المنظمة، كونهُ في كثير من الأحيان يرتبط بها، حيث يتم إستخدام الرشاوى لتسهيل الأنشطة غير القانونية، مثل الاتجار بالمخدرات، الأسلحة، البشر، غسل الأموال، تمويل الإرهاب وغير ذلك.
وفي قطاع التعليم الفساد؛ يؤدي إلى تدهور جودة التعليم، بسبب سوء إدارة الموارد فيه، وانتشار المحسوبية في التعيينات، وهذا يُقلّل من الحوافز للابتكار والتميز والتفرد العلمي، حيث يتم توجيه الموارد إلى مشاريع غير منتجة بدلًا من دعم البحث العلمي وتطويره.
الخلاصة:
الفساد؛ يُعدّ عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق التنمية المستدامة، حيث يؤثّر سلبًا على جميع جوانب الحياة الإقتصادية، والإجتماعية، والسياسية.
ولمكافحة الفساد، يجب تعزيز الشفافية، وفرض سيادة القانون، وتعزيز مشاركة المواطنين، وبناء مؤسسات قوية وفعّالة قادرة على محاسبة الفاسدين، وتعزيز الثقافة المجتمعية، من خلال نشر الوعي حول مخاطر الفساد وتشجيع الإبلاغ عنه، وإعطاء هيئات مكافحة الفساد صلاحيات واسعة، للتحقيق الجاد ومحاسبة الفاسدين دون أي تمييز.
كما أن "توفير منصات وقنوات آمنة للإبلاغ عن الفساد، يزيد من فعالية مكافحة هذه الجريمة".
فعلى سبيل المثال، سنغافورة؛ نجحت في القضاء على الفساد، من خلال سنها للتشريعات الصارمة والعمل على مكافحة الفساد بشفافية عالية.
أخيرًا نقول:
مكافحة الفساد؛ أمر يتطلب جهودًا متكاملة، تبدأ من الحكومات ومن تم المجتمعات والأفراد، لضمان بيئة نظيفة وعادلة تعزز التنمية المستدامة والسلم الإجتماعي.
أ. مشارك د. هاني بن محمد القاسمي.
مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية.
30. يناير. 2025