هل نتحرر نحن الجنوبيين من الاحتلال أم أننا نعود إليه: أعداء الوطن يستخدمون الخونة لتنفيذ أجنداتهم...
الناشط الحقوقي أسعد ابو الخطاب..
على مدار عقود من النضال والصمود، سعى الشعب الجنوبي إلى تحقيق الاستقلال والحرية، متحملًا الأزمات والتحديات التي واجهها في سبيل التحرر من قوى الاحتلال والتسلط.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، ونحن نمر بمرحلة حساسة من تاريخنا، هو: هل نتحرر نحن الجنوبيين بالفعل من الاحتلال أم أننا نعود إليه مرة أخرى ولكن بصور وأشكال جديدة؟
الواقع السياسي والاجتماعي في الجنوب يشير إلى وجود معركة خفية بين الأطراف التي تدّعي الدفاع عن القضية الجنوبية وبين الأطراف التي تستخدم أجندات خارجية لخدمة مصالحها الشخصية.
هناك قوى خفية تعمل على إضعاف نضال الشعب الجنوبي وتشتيت تركيزه، مستخدمة في ذلك الخونة الذين باعوا القضية الوطنية مقابل مصالح ضيقة ومناصب مؤقتة.
الطابور الخامس وعودة الاحتلال:
الطابور الخامس هو المصطلح الذي يتردد في الشارع الجنوبي لوصف هؤلاء الذين يعملون خلف الكواليس لصالح قوى الاحتلال القديمة والجديدة. هؤلاء الأشخاص، الذين تخلوا عن كرامتهم الوطنية ورضوا بأن يكونوا أدوات في أيدي أعداء الجنوب، هم من يعملون على تشويه القضية الجنوبية وتفريغها من مضمونها التحرري.
ليس الأمر مقتصرًا على دعم الاحتلال الخارجي فقط، بل إن هؤلاء الخونة يستغلون مواقعهم ومناصبهم لتنفيذ أجندات سياسية واقتصادية تخدم الاحتلال وتضعف المقاومة الجنوبية.
يتسللون إلى مفاصل الدولة والمجتمع، يعطلون كل جهد يهدف إلى بناء وطن حر ومستقل، ويضعون العقبات أمام كل محاولة لتحقيق الاستقرار والازدهار.
بيع القضية مقابل المناصب:
من المؤلم أن نرى بعض القيادات التي كانت تعتبر رمزًا للنضال والجهاد ضد الاحتلال الشمالي، تتحول اليوم إلى أدوات طيّعة بيد قوى خارجية تسعى إلى إعادة الجنوب إلى قبضة التبعية.
هذه القيادات، التي باعت القضية الجنوبية مقابل المناصب والريالات، أصبحت جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون جزءًا من الحل.
هؤلاء الخونة يعملون على إضعاف الصفوف الجنوبية من الداخل، يغذون الانقسامات ويبثون الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، ما يجعل من الصعب تحقيق الوحدة الجنوبية التي هي الأساس الأول للتحرر الحقيقي.
ومع كل خطوة إلى الأمام، نجد أنفسنا نعود للخلف بسبب هؤلاء الذين يتآمرون علينا من الداخل.
الشعب الجنوبي بين التحرر والاستغلال:
الشعب الجنوبي بات اليوم أمام مفترق طرق خطير.
فهو بين نار الاحتلال الجديد الذي يأتي مغلفًا بأجندات داخلية وخارجية، وبين نار الخونة الذين يسعون إلى تحطيم كل ما تم بناؤه عبر سنوات من الكفاح.
في كل مرة يحاول الشعب الجنوبي أن يقف على قدميه وينطلق نحو مستقبل أفضل، يجد نفسه محاصرًا بمؤامرات ودسائس تهدف إلى إعادة الاحتلال بشكل أو بآخر.
لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح هنا: إلى متى سنظل نتحمل هذه المؤامرات؟
وهل سنبقى صامتين أمام عودة الاحتلال الشمالي من بوابة الخيانة والتآمر؟
الطريق إلى التحرر الحقيقي:
لا يمكن للشعب الجنوبي أن يحقق التحرر الحقيقي إلا إذا وقف وقفة رجل واحد ضد كل محاولات الاستغلال والخيانة.
على الجنوبيين أن يدركوا أن الاحتلال الجديد لا يأتي فقط عبر الجيوش والأسلحة، بل يأتي أيضًا عبر الأجندات الخفية والسياسات الملتوية التي تخدم مصالح قوى خارجية.
إن النضال الحقيقي اليوم لا يقتصر فقط على طرد القوى المحتلة، بل يشمل أيضًا محاربة الخونة والعملاء الذين يتآمرون على الجنوب من الداخل.
لا يمكن أن نحقق الحرية والاستقلال إلا إذا تخلصنا من هؤلاء الذين باعوا الوطن مقابل مصالحهم الشخصية.
على الشعب الجنوبي أن يكون أكثر وعيًا وتماسكًا، وأن يدرك أن طريق التحرر لن يكون سهلًا.
ولكن طالما أن هناك من يحمل مشعل النضال، فإن الأمل لا يزال حيًا..