ضربة تحت المجهر: لماذا أبلغت إيران الولايات المتحدة بموعد هجومها؟..

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

في سابقة غريبة في عالم الصراعات العسكرية، كشفت تقارير إعلامية أمريكية عن أن إيران أبلغت الولايات المتحدة مسبقًا بتفاصيل ضربتها الأخيرة، بما في ذلك موعد الهجوم، نوعية الصواريخ، والمواقع المستهدفة. 
هذه الخطوة أثارت تساؤلات عديدة حول حقيقة ما يجري خلف الكواليس، وعن الأهداف الحقيقية من هذه الضربة، التي كان من المفترض أن تكون ردًا على الانتكاسات التي تعرضت لها إيران وحلفاؤها في المنطقة.

استعراض لحفظ ماء الوجه أم اتفاق مسبق؟

من النظرة الأولى، يبدو أن هذه الضربة كانت خطوة لحفظ ماء الوجه أمام حلفاء إيران في المنطقة، خصوصًا بعد الضربات المتتالية التي تعرضوا لها في العراق وسوريا ولبنان. 
إلا أن التنسيق المسبق مع الولايات المتحدة يشير إلى أن العملية ربما لم تكن سوى جزء من اتفاق أكبر يهدف إلى تجنب التصعيد الحقيقي بين الطرفين. 
فكيف يمكن لدولة أن تُخطِر عدوها المفترض بموعد الهجوم ونوعيته؟ 

وما الهدف من هذه المناورة التي تبدو أقرب إلى استعراض إعلامي منها إلى رد عسكري جاد؟

تواطؤ أم مناورة سياسية؟ 

البعض يرى أن هذا التنسيق يعكس وجود اتفاقات ضمنية بين إيران والولايات المتحدة، ربما تكون قد جرت عبر وسطاء أو قنوات دبلوماسية سرية. 
الهدف من هذا التواطؤ هو الحفاظ على استقرار الوضع في المنطقة، وتجنب تصعيد قد لا يخدم مصالح الطرفين. فالولايات المتحدة، رغم أنها تعلن عداءها لإيران، لا تريد تصعيدًا عسكريًا كبيرًا في المنطقة، خصوصًا في ظل الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط.

الضربات الكلامية في مقابل الصمت العملي:
على الجانب الآخر، تواصل إيران إصدار تهديدات ضد إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها تكتفي بالخطابات دون أي تحرك عسكري فعلي يتناسب مع حدة التهديدات. في حين تستمر الضربات الإسرائيلية على مواقع حلفاء إيران في لبنان وغزة، يظهر أن طهران تعتمد على "الحرب النفسية" والإعلامية أكثر من المواجهة المباشرة.

السؤال الأهم: لماذا أبلغت إيران أمريكا؟

من الواضح أن إيران لم ترغب في التصعيد إلى مستوى أكبر من ذلك. 
الإبلاغ المسبق للولايات المتحدة قد يكون رسالة تهدف إلى التأكيد على أنها لا تسعى إلى تصعيد مفرط، وأنها قادرة على السيطرة على حلفائها. 
وربما أيضًا، كانت إيران ترغب في تجنب أي رد فعل عسكري أمريكي أو إسرائيلي قوي قد يؤدي إلى انهيار النظام في المنطقة أو تدخل عسكري أوسع.

خلاصة: 
لعبة معقدة لخدمة المصالح
في النهاية، تبدو هذه الضربة جزءًا من لعبة سياسية وعسكرية معقدة، حيث تسعى كل الأطراف إلى تحقيق مكاسبها دون الدخول في مواجهة مباشرة. 
في حين أن الشعوب المتضررة، مثل الفلسطينيين في غزة أو اللبنانيين في الجنوب، هم من يدفعون الثمن الأكبر في هذا الصراع المستمر. يبقى السؤال مفتوحًا: إلى متى ستستمر هذه المناورات بين القوى الكبرى، ومن سيكون الضحية القادمة في هذه اللعبة الدولية المعقدة؟