في آداب الحوار الافتراضي وأخلاقياته؛ البارحة ندمت...

(إذا لم تشعر الذين حضروا من أجل الاستماع إلى محاضرتك أو تعقيبك بالتقدير والاحترام فأنت لا تستحقه)..

بات أنشغالي بالمؤتمرات والندوات والمحاضرات في وسائط التواصل الاجتماعية ومنصاتها الافتراضية الفكرية والثقافية عادة يومية في حياتي ولا أعلم أن كان هذا من سؤ حظي أو حسنه???? ولكنّي أجد متعة آسرة في تلك العادة الجديدة؛ فمنذ حوالي خمسة عشر عاما وأنا التمس طريقي بشغف حقيقي في دروب العالم الافتراضي لاسيما المواقع الفكرية والثقافية إذ سجلت مباردة الحضور والمشاركة الأولى من اليمن المنسية في عدة منصات منها ؛ منتدى فضاءات فلسفية؛ الملتقى الفلسفي الاول للرابطة العربية الاكاديمية للفلسفة، تأسس عام 2012م وصارت منسقه في اليمن ومركز ضياء للمؤتمرات والأبحاث منذ عام 2012م مركز فاعلون للبحث في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية والانسانية 2012م..

وذهبت إلى الجزائر لزيارته عام 2013م ومؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث 2013م وفي ذات العام ذهبت إلى الرابط المغربية وزرت مكتب المركز في شارع الدول العربية بالعاصمة المغربية ومنذ عام 2016م وأنا عضوا في منصة أريد، أول منصة إلكترونية تجمع العلماء والخبراء والباحثين الناطقين بالعربية وصرت منسقها في جنوب الجزيرة العربية ومنذ تأسيس اتحاد الفلاسفة العرب عام 2018م وانا مشاركا فيه وفي عام 2020 انضممت إلى منصة المعهد العالمي للتجديد العربي وحدة الدراسات الفلسفية والتأويلية وشاركت بفعالية في وحدة الدراسات الحضارية ومقارنة الأديان واشرفت بادارتها لبعض الوقت. ومنذ تأسيس المجمع الفلسفي العربي عام 2021م وأنا مشاركا فيه وغير ذلك من المواقع والمنصات الافتراضية التي وجدت هوى في قلبي بما تقدمه من محتوى ثقافي فكري ومنها منتدى الفكر والفلسفة ومنتدى عابرون .الخ..

 كل تلك المنصات والمواقع الافتراضية كنت من روادها وما زلت وقد حرصت على المشاركة في معظم فاعليتها ظاهرا أو مخفيا مشاركا فاعلا أو مستمعا محاضرا أو معقبا وعلى مدى تلك السنوات من الممارسة التواصلية الافتراضية اكتسبت معرفة وخبرة واسعة ومفيدة 
في تقنيات التواصل الاجتماعية وآدابه وقيم الأخلاقية ومن الإنصات التداخل والحوار والإلقاء والتعقيب والاسئلة والأجوبة وممن لفت نظر ..

إن بعض المحاضرين والمعقبين الشباب في منصات التواصل الأجتماعية من النواع الاجتماعي يفتقدون إلى آداب الحوار الافتراضي وأخلاقياته الشديدة الحساسية بعض بعض المفكرين المخضرمين من كبار السن إذ وجدت إن هولاء الأخيرين يحرصون على تسجيل اسماء كل من يرفعون أيديهم لسؤالهم مع حفظ الأسئلة بعناية ودقة واعادة ذكر اسماء اصحابها باحترام وتقدير من المحاضرين ومنهم الفيلسوف التونسي المخضرم فتحي التريكي الذي أذهلني بحضوره الذهني الوقاد وقد اوشك بلوغ سن زهير بن أبي سلمى الشهير (ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ) إذ كان يستمع إلى اسئلة ومداخلات الحاضرين بحرص واهتمام دون تسجيل اسمائهم وملاحظاتهم ثم يتذكر اسمائهم ويجاوب على اسئلتهم الكثيرة بدقة مدهشة أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية بعكس بعض المحاضرين من الجيل الشاب الذين يتكلمون بعجرفة مع الذين حضروا للأسماع اليهم بل أنهم حينما يردون على الذين تداخلوا معهم أو تساءلوا بشأن محتوى محاضراتهم لا يتورعون من ترديد أقوال غبية ومعيبة منها( لا اريد من الذي تسأل ؟ أو سنأخذ ملاحظات الذين تسألوا بعين الاعتبار أو أن أحدهم قال .. أو لا أعرف من الذي قال؟!! أو ليس لدي الوقت للرد على الأسئلة أو تجاهل المتداخلين والذين تسألوا معهم وكأنهم لم يكونوا موجودون هناك في المنصة من أجل الاستماع إلى محاضراتهم وتعقيباتهم التي بعضها صادمة بخفتها وسطحيتها وعدم علاقتها بعنوان الموضوع الذي تدعي أنها تتكلم عنه أبدا؛  إذ تتحول إلى ما يشبه المجاملات والاحتفالية التهريجية المقرفة والحليم تكفيه الأشارة..

وفي أهمية آداب الحوار الافتراضي اليكم بعض الملاحظات الأولية: 

الحوار الافتراضي، على الرغم من كونه وسيلة للتواصل عن بُعد، يعكس شخصية الفرد وثقافته. إن غياب لغة الجسد ونبرة الصوت يجعل الكلمة المكتوبة الوسيلة الوحيدة للتعبير عن النوايا والمشاعر، مما يستدعي دقة في اختيار الكلمات واحترام الآخرين...

أبرز آداب الحوار الافتراضي
 1. الاحترام المتبادل:
يجب على المشاركين في الحوار احترام وجهات النظر المختلفة وعدم اللجوء إلى الإساءة أو الهجوم الشخصي.
 2. استخدام لغة لائقة:
من الضروري تجنب الألفاظ البذيئة أو المهينة والحرص على اختيار كلمات تعكس الذوق الرفيع.
 3. الإنصات وعدم المقاطعة:
كما هو الحال في الحوار الواقعي، يتطلب الحوار الافتراضي الاستماع الجيد وترك الفرصة للآخرين للتعبير عن آرائهم قبل الرد.
 4. التوثيق وتجنب الإشاعات:
يجب التحقق من صحة المعلومات قبل مشاركتها، حيث يمكن للإشاعات أو الأخبار الكاذبة أن تضر بمصداقية المتحدث وتؤدي إلى انتشار الفوضى.
 5. احترام الخصوصية:
تجنب نشر معلومات شخصية أو حساسة دون إذن من الطرف الآخر.
 6. عدم استغلال المجهولية:
توفر بعض المنصات درجة من المجهولية التي قد تشجع البعض على التصرف بعدم مسؤولية. من المهم أن نكون على وعي بأن القيم والأخلاق يجب أن تظل حاضرة حتى في ظل المجهولية.
 7. اختصار الردود والوضوح:
الحوار الافتراضي يتطلب ردودًا مختصرة وواضحة تجنبًا للتشويش وسوء الفهم...

أخلاقيات الحوار الافتراضي
 • التسامح:
من الضروري التعامل مع الاختلافات الفكرية بثقافة التسامح وقبول الآخر، خاصة في بيئة متعددة الثقافات مثل الفضاء الرقمي.
 • الاعتراف بالخطأ:
إذا تم ارتكاب خطأ أثناء الحوار، يجب الاعتراف به والاعتذار عنه بشجاعة.
 • عدم التحيز:
تجنب إصدار أحكام مسبقة بناءً على الجنس، الدين، أو الخلفية الثقافية، لضمان بيئة حوار شاملة وعادلة...

أثر الالتزام بآداب الحوار الافتراضي..

الالتزام بهذه الآداب يعزز من جودة التواصل ويحول الحوار الافتراضي إلى أداة فعالة لبناء علاقات إيجابية. كما يسهم في تقليص النزاعات وسوء الفهم، ويوفر بيئة تعاونية تدعم الإبداع والتبادل الفكري.

ختامًا..

إن الحوار الافتراضي ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو مسؤولية أخلاقية تعكس مدى نضج الفرد واحترامه للآخر. الالتزام بآداب الحوار وأخلاقياته يعزز من قدرتنا على بناء مجتمع رقمي أكثر إنسانية وتعاونًا، مما يسهم في تحقيق السلام والتفاهم العالمي...